طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة اللبنانية بوقف تسييس التعليم لأطفال اللاجئين السوريين في لبنان، مؤكدة أن عليها ضمان تسجيلهم في المدارس بغض النظر عن وضعهم.
ومنذ لجوء السوريين إلى لبنان عام 2012 دخل الكثير من الأطفال السوريين مع نظرائهم من اللبنانيين في المدارس، فيما خُصِّص دوام مسائي كامل للأطفال اللاجئين في بعض المناطق، إلا أن هذا الوضع تغير إلى حد بعيد مؤخرا.
ومع بداية العام الدراسي المقبل، تسعى السلطات المحلية والسياسيون في لبنان إلى فرض قيود تمييزية قد تؤدي إلى حرمان عشرات الآلاف من الأطفال من التعليم، وفقا لتقرير أصدرته المنظمة أمس الأربعاء.
وتتحدث الحكومة اللبنانية عن تكاليف كبيرة وصعوبات ناجمة عن وجود السوريين، حيث تدعي أن هناك نحو مليونين و800 ألف منهم على أراضيها، لكن هذه “الأرقام المخيفة”، “مبالغ فيها”، وفقا لما يؤكده المحامي اللبناني محمد صبلوح، لموقع حلب اليوم.
ونشر زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع منشورا في الثامن من يوليو/تموز، على وسائل التواصل الاجتماعي أن وزارة التربية والتعليم العالي يجب أن تطلب من الطلاب جميعهم تقديم أوراق ثبوتية للتسجيل للعام الدراسي 2024-2025، سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة.
وأصر على أن الطلاب الأجانب، بمن فيهم السوريون، يجب أن يكون لديهم تصاريح إقامة سارية المفعول للتسجيل.
وينتقد صبلوح تلك التصرفات مؤكدا أن على لبنان أن يستضيف اللاجئين “وفق قواعد حقوق الإنسان فيما تتهرب الحكومة من تصنيف السوريين كلاجئين وتسميهم نازحين وهي تسمية خاطئة”.
وفي قضاء البترون حيث منطقة نفوذ “القوات اللبنانية” شمالي البلاد أصدر المحافظ، القاضي رمزي نهرا، قراراً بترحيل السوريين “غير الشرعيين” من عشرات القرى والبلدات بالمنطقة، وسط حملة مستمرة على اللاجئين، وحديث الحكومة عن خطط جديدة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن نهرا طلب من المدير الإقليمي لأمن الدولة في الشمال، أمس، إجلاء “السورين غير الشرعيين” من بلدات عدة في قضاء البترون، و”في حال عدم التجاوب إقفال المساكن التي يشغلونها بالشمع الأحمر”.
وفي شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، أصدرت بلديتان على الأقل في لبنان بيانات خاصة بهما تشترط حصول الأطفال السوريين على تصاريح إقامة لبنانية صالحة للتسجيل في المدارس.
ولكن بسبب البيروقراطية والمعايير الصارمة لتجديد تصاريح الإقامة اللبنانية، فإن نحو 20% فقط من اللاجئين السوريين لديهم إقامة صالحة في لبنان، كما أوقفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التسجيل الرسمي للاجئين السوريين في عام 2015 امتثالاً لأمر حكومي.
ويرى صبلوح أن المجتمع الدولي لم يعد مهتما باللاجئين، حيث “تغيرت أولوياته فهو يمر بأزمة اقتصادية كما أن الأزمة الأوكرانية أخذت دورا كبيرا بالإضافة لملف غزة… بالطبع المجتمع الدولي يحاول التنصل من مسؤولياته بل يضغط على لبنان ويعده بمساعدات مقابل إغلاق أماكن انطلاق قوارب الهجرة غير الشرعية وليست لديه أولوية في مساعدة هؤلاء وتأمين حياة كريمة لهم”.
وتقول هيومن رايتس ووتش إن أطفال ما يقرب من 80 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان الذين لا يحملون وثائق أو غير مسجلين، معرضون لخطر فقدان قدرتهم على الوصول إلى المدرسة، “بدون أي خطأ من جانبهم”.
ونوهت بأن اللاجئين في لبنان “عانوا لسنوات من خطابات سامة معادية للاجئين تلومهم على الأزمات المتداخلة في البلاد.. ويوجه الكثير من هذا الخطاب إلى مجتمع اللاجئين السوريين في لبنان، الذين يقدر عددهم بنحو 1.5 مليون شخص، وقد أدى ذلك إلى التمييز والعنف والترحيل الفوري”.
وتستهدف هذه السياسات المعادية للاجئين “واحدة من الاحتياجات الأساسية لمئات الآلاف من أطفال اللاجئين السوريين: التعليم”.. رغم أن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي ادعى منذ أيام أن وزارته ملتزمة بالمبدأ الأساسي لاتفاقية حقوق الطفل، وأن جميع الأطفال، بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم، سيتم تسجيلهم في المدارس في لبنان.
ومع بدء العام الدراسي الجديد، يتعين على الجهات المانحة الأجنبية التي قدمت مبالغ كبيرة للتعليم في لبنان أن تضغط على الحكومة لتنفيذ كلمات الحلبي، كما يتعين على الحكومة اللبنانية أن تضمن لجميع الأطفال، بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم، إمكانية التسجيل في المدارس وعدم حرمانهم من حقهم في التعليم.
وتسعى الحكومة للوصول إلى خطة جديدة لترحيل اللاجئين السوريين، إلى بلدهم، دون تنسيق مع الأمم المتحدة.