تتهيأ سلطة الأسد لإصدار مخططات تنظيمية جديدة في مناطق متعددة من العاصمة دمشق، التي تعرضت مناطق من ريفها وبعض أحيائها، للدمار خلال حملات الحصار والقصف والدمار الذي مارسته قوات الأسد على الأحياء، مثل القابون وحي جوبر وغيرهما قبل تهجير سكانها إلى الشمال السوري.
وذلك في خطوة نحو التغيير الديموغرافي واستبدال سكان تلك المناطق بسكان جدد مجهولين من خلال استيلاء قوات الأسد على منازل المدنيين وممتلكاتهم عنوةً وفق قوانين ومراسيم أصدرتها سلطة الأسد لتسهيل عملية استيلائها على ممتلكات الأهالي ممن وقفوا ضد حكم الأسد وسلطته.
يقول العميد الركن والمحلل العسكري عبد الله الأسعد إن سلطة الأسد تكمل ما دمرته سابقا من الأحياء المحيطة بالعاصمة دمشق، وتمنع سكانها من العودة إليها؛ لأنها تخطط لإنشاء أبنية حديثة في كل من القابون وجوبر وبرزة وكثير من أحياء دمشق الجنوبية تحديدا بدءا من طريق المطار وبيت سحم وصولا إلى السيدة زينب والحجر الأسود والقدم ومحطة القطار حسب قول الأسعد.
وأكد العميد الركن في حديثه مع حلب اليوم أن سلطة الأسد ستُوَطَّن المليشيات الشيعية في هذه المناطق وغيرها من التي تحيط بالعاصمة دمشق، وذلك بعد منحهم الجنسية السورية، بحسب الاتفاق الذي وُِقع بين سلطة الأسد وإيران في عام 2014 لتوطين المقاتلين الشيعة في أحياء دمشق.
وأضاف الأسعد أن أصحاب المحال التجارية أجبروا على بيع عقاراتهم للإيرانيين في الأحياء التاريخية القديمة الموجودة في الحميدية والمسكية والساروجة وغيرها، ومن رفض البيع حُرِق محله التجاري، علما أنه وبسبب الحالة الاقتصادية السيئة يضطر كثيرون لبيع عقاراتهم للميليشيات الإيرانية.
بدوره كشف المهندس المعماري م.ش (رفض ذكر اسمه) أن المخططات التنظيمية التي ستعمل عليها سلطة الأسد هي استغلال كبير لحقوق الناس؛ لأن المناطق التي يعاد تنظيمها هي منظمة أصلا مثل حي جوبر، وفيه مخطط تنظيمي، ويُدَمَّر بحجة التنظيم الجديد وفق قانون رقم 10 الذي أصدرته سلطة الأسد عام 2018 والذي يعطي صلاحيات بإعادة تنظيم المناطق المدمرة خلال الحرب التي شنتها قوات الأسد على السوريين منذ عام 2011، ويضاف لما سبق بند إثبات الملكية خلال فترة تتراوح من ثلاثة أشهر إلى سنة في الأحياء العشوائية مثل حي القابون حيث لا يملك غالبية ساكنيه إثباتات ملكية، عدا عن ضرورة حضور من يملك وثائق لإثبات ملكيتهم، وهنا تكمن المشكلة حسب قول م.ش فمعظم سكان الأحياء الدمشقية هم إما مهجرون إلى الشمال السوري أو لاجئون خارج البلد، أو معتقلون في أقبية سجون سلطة الأسد، ولن يكون بمقدورهم العودة وإثبات ملكيتهم لعقاراتهم وممتلكاتهم.
كما نوّه م.ش إلى أن سكان حي جوبر لديهم ملكية رسمية لعقاراتهم، ولكن سلطة الأسد تستغل حقوق السكان من خلال نزع ملكياتهم وتحويلها إلى أسهم من خلال قانون التوزيع الإجباري الذي يحل ويلغي الملكيات، ويحولها إلى أسهم في أحياء ومناطق عديدة ومهمة ليس فقط حي جوبر بل في أحياء أخرى مثل القصاع وبرزة والقابون وغيرها، للبدء بالتنظيم الجديد للأحياء المدمرة وفق قانون رقم 10.
أضاف م.ش في حديثه مع حلب اليوم أن مخططات التنظيم الجديد ستنفّذ من خلال شركاء ومستثمرين إيرانيين ولبنانيين وعراقيين من الطائفة الشيعية، وهنا تتوضح ملامح التغيير الديموغرافي من خلال ضياع حقوق السكان الأصليين وبيع ممتلكاتهم في مزاد علني وبأرخص الأثمان؛ ومن ثم الاستيلاء عليها من قبل الإيرانيين، ليظهر سكان جدد كما حصل في المنطقتين التنظيميتين اللتين أُحْدِثَتَا عام 2012 ماروتا سيتي باسيليا سيتي بقرار أصدره الأسد في منطقة عشوائيات وأراضي زراعية غير منظمة قرب المزة وكفرسوسة ما أدى إلى ضياع حقوق الكثير من الأهالي وفقدانهم لممتلكاتهم.
يذكر أن مخططات سلطة الأسد التنظيمية وغيرها الكثير من التشريعات والقوانين التي أصدرها لها هدف واحد هو الاستيلاء على ممتلكات السكان وعقاراتهم في المدن والأحياء التي خرجت وطالبت بإسقاط حكم الأسد منذ بداية الثورة السورية عام 2011، في محاولة منه لمنعهم من العودة إلى مدنهم وأحيائهم المدمرة أصلًا بقذائف وصواريخ قوات الأسد.