حلب اليوم – خاص
يشهد سوق الهال في العاصمة السورية دمشق أوضاعًا متفاقمة نتيجة الضغوط المتزايدة التي تفرضها حواجز أمن سلطة الأسد المنتشرة على مداخله ومخارجه، التابعة لفرعي الجوية والأمن العسكري، والتي تفرض إتاوات قسرية على التجار والمزارعين الذين يدخلون السوق لبيع بضائعهم.
بحسب مراسلة حلب اليوم في دمشق، فإن عناصر الأمن تستغل سلطتها لفرض مبالغ مالية غير شرعية على التجار والمزارعين، مقابل السماح لهم بالدخول والخروج من السوق دون تعطيل أو مضايقات، منوّهةً إلى أن هذه الإتاوات تتنوع بين مبالغ نقدية أو مصادرة جزء من البضائع، ما يشكل عبئًا إضافيًا على هؤلاء العاملين الذين يكافحون في ظل ظروف اقتصادية خانقة.
شكاوى بلا صدى
روت مراسلتنا نقلاً عن مصدر من داخل سوق الهال -رفض الكشف عن اسمه- أن أصحاب المحال التجارية داخل سوق الهال، تقدموا بعدد من الشكاوى بحق عناصر وضباط الحواجز، إلا أن تلك الشكاوى لم تلقَ أي استجابة من سلطة الأسد، ما دفع التجار إلى تخصيص مبالغ مالية أسبوعية تُدفع للحواجز تحت مسمى “خرجية”، لضمان مرور سياراتهم دون تفتيش أو مضايقات.
ويؤكد المصدر أن هذه الممارسات أصبحت روتينية، مما يعكس حالة الفساد المستشري وغياب المحاسبة.
ابتزاز ممنهج
ولم تقتصر الممارسات الابتزازية على التجار فحسب، وفق مراسلتنا، بل طالت أيضًا السيارات الوافدة إلى السوق، والتي تنقل البضائع إلى المحال التجارية في المدينة، حيث يتعرض أصحاب هذه السيارات للابتزاز من قبل عناصر الحواجز، كما يضطرون لدفع مبالغ مالية تختلف حسب نوع السيارة وكميات البضائع المحملة.
وأمّا بالنسبة لموتورات (الفيسبا) التي تحمل كميات صغيرة من البضائع، تؤكد مراسلتنا على أنها تتعرض أيضاً لمصادرة جزء من حمولتها، حيث يأخذ العناصر كميات غير محددة من البضائع، ثم يعيدون بيعها لتجار المحال الصغيرة بالقرب من السوق، فيما يعرف بـ “كمشة عرب”.
معاناة التجار والمزارعين
بدوره، يصف التاجر ( أ.ك) ، الوضع في سوق الهال بأنه لا يُطاق، ويقول: “ندفع مبالغ طائلة بشكل أسبوعي لكي نتمكن من الاستمرار في عملنا، قدمنا شكاوى، لكن لا حياة لمن تنادي. أنا شخصيًا اضطررت إلى تخصيص مبلغ لكل حاجز، حتى لا تتعرض سياراتي للتفتيش والمضايقات اليومية”.
من جانبه، يقول المزارع محمد.س، 38 سنة: “عندما أتيت بمنتوجاتي إلى سوق الهال في المرة الأخيرة، فوجئت بأنني مطالب بدفع مبلغ كبير للحاجز، كما أجبروني على تخصيص جزء من البضاعة لهم، وإلا لن أتمكن من بيع أي شيء”.
أما سائق الفيسبا (عربة صغيرة تستخدم في سوق الهال لنقل الخضار والفاكهة) خالد، فيروي معاناته قائلاً: “أعمل على نقل البضائع من سوق الهال إلى المحلات الصغيرة. الحواجز تأخذ جزءًا من البضاعة دون أي مبرر، ثم يعيدون بيعها في السوق نفسه. هذا الأمر يعرضني لخسائر كبيرة، وأحيانًا أضطر للعودة إلى السوق فارغ اليدين”.
يشار إلى أن الممارسات لا تؤثر فقط على التجار والمزارعين، بل تنعكس أيضًا على الأسعار داخل سوق الهال وخارجه، حيث يتحمل المستهلك النهائي جزءًا من هذه التكاليف، من جهة أخرى، يسهم هذا الوضع في زيادة التوتر بين التجار وعناصر الحواجز، ما يرفع من احتمالات اندلاع مواجهات مستقبلية إذا استمر الوضع على حاله، بحسب مراسلنا.