أعلنت الحكومة السورية المؤقتة فتح معبر “أبو الزندين” الفاصل بين مناطق الجيش الوطني وقوات الأسد في ريف حلب شمالي سوريا ليكون معبرًا تجاريًا جديدًا مع سلطة الأسد.
وقد أغلق معبر أبو الزندين مع عدة معابر أخرى منها الحمران وعون الدادات منذ قرابة الأربع سنوات بقرار من الحكومة السورية المؤقتة؛ بسبب جائحة كورونا في آذار / مارس من العام 2020.
حيث أُعِيد فتح المعبر في تموز/ يوليو الفائت على نحو مؤقت مثيرًا احتجاجات واسعة بين أوساط السكان في الشمال المحرر معتبرين ذلك بداية التطبيع مع سلطة الأسد، ليُغْلَق المعبر في محاولة لتهدئة الاحتجاجات، ليعود إلى الواجهة مجددا ويُعْلَن عن افتتاحه وبشكلٍ رسمي قبل يومين من الآن.
يقول الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أسامة شيخ علي إن “الهدف الأول والأساسي من افتتاح المعبر هو لتحقيق مكاسب اقتصادية للمنطقة وأيضا مكاسب اقتصادية لتركيا من خلال تسويق بضائعها إلى مناطق الأسد، عبر المناطق المحررة”، مشيرًا إلى عدم وجود مكاسب سياسية أو تطبيع مع سلطة الأسد،
سياسيًا”.
لكن كان لمحمد زكوان كوكة مساعد باحث في مركز عمران، تحليل ورأي آخر في هذا السياق فقال:”في ظل حالة الجمود في العملية السياسية مع توافق الأطراف الإقليمية والدولية ما عدا إيران على أن الحل في سوريا هو حل سياسي، تكون خطوة فتح معبر أبو الزندين تفصيلاً تقنياً تحاول روسيا وتركيا من خلاله تحصيل بعض المكاسب وإيجاد مدخل للدفع نحو مستوى أعلى سواء في عملية التطبيع التركي مع النظام، أو في رؤية تركيا وروسيا للعملية السياسية في سوريا، مستغلين فترة الانتخابات الأمريكية التي عادة ما يحاول اللاعبون الإقليميون استغلالها لتحقيق مكاسب تكتيكية في الملفات العالقة، ومما يزيد رغبة تركيا وروسيا في ذلك، انشغال أمريكا أيضاً في حرب غزة”.
وأشار كوكة أن لدى الجانبين الروسي والتركي رغبة أيضاً في إضعاف موقف إيران ذات التأثير الكبير على سلطة الأسد.
أما المكاسب السياسية للمناطق المحررة ستكون ضئيلة جداً في ظل ضعف الحكومة المؤقتة التي ليس بإمكانها حالياً تحويل أي فعل على الأرض إلى نوع من المكاسب والعقبة الأساسية أمام ذلك هي عدم قدرة الحكومة على إدارة الملفات الأمنية والعسكرية على الأرض واستمرار النزعة الفصائلية ضمن الجيش الوطني حسب قول كوكة.
وأضاف كوكة أن سلطة الأسد لا تبدي اهتماماً بقضية المعبر، فهي تبحث عن المكاسب السياسية في زاوية أخرى متعلقة بإعادة العلاقات مع المزيد من الدول، كما أنها تتأرجح في موقفها من فتح المعبر بين الإرادتين الروسية والإيرانية، مع رغبتها الدائمة بالتهرب من العقوبات الأمريكية، والاستحواذ على المشاريع والخطط والأموال المخصصة لملف التعافي المبكر.
ويرى كوكة أن عملية التطبيع بين سلطة الأسد والأتراك قائمة منذ سنوات وبشكل تدريجي، وأهم النقاط العالقة هي نقاط ذات طابع سياسي وأمني متعلقة بمحاربة قسد والانسحاب التركي من شمال غرب سوريا، ولن يقدم افتتاح معبر تجاري كان قيد العمل قبل أربع سنوات الكثير لهذه العملية، على الأقل على المدى القريب.
اقتصاديًا
أشار كوكة إلى أن إيجابيات افتتاح المعبر بالنسبة للمناطق المحررة تتركز في الجانب الاقتصادي، حيث سيؤدي افتتاح المعبر إلى تحويل منطقة شمال غرب سوريا إلى منطقة عبور للبضائع نحو مناطق سلطة الأسد، كما أنه من شأنه إخراج قسد خارج معادلة الطرق التجارية عبر خطوط التماس السورية، ومن ثم تقليل الصعوبات المالية واللوجستية لعبور البضائع.
كما أن الأتراك يرغبون في دخول السوق التجارية في مناطق الأسد التي يسيطر عليها الإيرانيون، كما أنهم يرغبون وبلا الشك بالذهاب أبعد من ذلك نحو الأردن وبالتالي السوق الخليجية.
من جهة أخرى لا تملك سلطة ما تصدره إلى المناطق المحررة إلا حزمة ضئيلة من البضائع، بينما تعبر العديد من البضائع والمنتجات المحلية المناطق المحررة باتجاه مناطق الأسد ومناطق شمال شرق سوريا حسب قول كوكة.
الناشطون في مدينة الباب
بدوره، قال الناشط نعيم لومان ناشط ثوري في مدينة الباب لموقع حلب اليوم أن الناشطين والفعاليات الثورية في مدينة الباب أكدوا على البيان الذي أصدروه الشهر الفائت مطالبين فيه أن تكون إدارة المعبر مدنية وبإشراف المؤسسات، وأن تُحَدَّد نسبة من ريع المعبر لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في مدينة الباب، وإيجاد آلية فعالة لضبط الملف الأمني وضبط الصادرات والواردات بما يتناسب مع مصلحة المنطقة.
فيما أكد لومان أنه تم تجاهل هذا البيان والفعاليات الثورية من قبل الحكومة التركية، واُتُّجِه إلى القيادات العسكرية في الجيش الوطني، ونُسِّق معها واُتُّفِق على قرارات ترضي جميع الفصائل، حيث سيكون المعبر بإدارة هيئة عليا يشكلها قادة المجلس العسكري بالتشاور مع الحكومة السورية المؤقتة.
وفي ذات السياق قال لومان إن معبر أبو الزندين تعرض لاستهداف مباشر بخمس قذائف صاروخية دون وقوع إصابات أو أضرار، مشيرًا إلى أن مصدر هذه القذائف هو قوات قسد كون افتتاح هذا المعبر سيكون ضد مصالحها.
يذكر أنه أُعِيد افتتاح المعابر التجارية والإنسانية أيضا بين مناطق الجيش الوطني وقوات قسد الأسبوع الفائت وهي معبر عون الدادات و الحمران والجطل، وذلك بعد إغلاقها لمدة أسبوع عقب المفخخة التي ضربت حاجز الشط في مدينة إعزاز.