لا يزال الجدل قائما في كل من تركيا و سوريا، حول قضية إعادة فتح معبر أبو الزندين، الواصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني و مناطق سيطرة سلطة الأسد، في ريف حلب بالشمال السوري، وسط رفض شعبي واسع لتلك الخطوة، أدى لعرقلتها.
وتبرز هنا الكثير من التساؤلات حول مصلحة السوريين في تلك الخطوة، ومن سيكون المستفيد الأول منها، وما إذا كانت لها تبعات سلبية، أو أبعاد غير اقتصادية متعلقة بالتطبيع.
وفي إجابته على تلك الأسئلة، قال الخبير الاقتصادي السوري، فراس شعبو، لحلب اليوم، إن موضوع فتح المعابر ليس بجديد، و كان يجري التحضير له منذ عدة سنوات، أما الخبير الاقتصادي السوري، يونس كريّم، فقد قال إن الأمور لا تزال غير واضحة حتى الآن.
ماذا تستفيد تركيا من فتح المعبر؟
أكد شعبو أن لتركيا مصلحة كبيرة في فتح المعابر لكونها الدولة المصدرة، وهي دولة منتجة بشكل أساسي، كما أن خط طريق غازي عنتاب الواصل إلى معبر نصيب على حدود الأردن يعني شريان حياة بالنسبة لتركيا.
وأضاف أنه في الجنوب التركي توجد نوعا ما وسيلة رخيصة لإيصال البضائع إلى دول الخليج، و المستفيد الأكبر بالتأكيد هو تركيا فبضائعها تدخل إلى الشمال المحرر اليوم و هنالك استفادة بسيطة لها من رسوم العبور، ولكن الفائدة الأساسية تكمن في إيجاد سوق للبضائع في الأردن ودول الخليج.
من جانبه قال كريّم إنه من غير المعروف أي الشاحنات ستعبر من المعبر، وهناك من يقول إن الشاحنات التركية فقط هي من ستمر منه، وبالتالي إن صح هذا الأمر فإن تلك الشاحنات سوف تشغل الطرق في الشمال السوري، وهذا الأمر له أبعاد عدة.
ما هي مصلحة السوريين؟
أشار الخبير السوري شعبو إلى أن معاناة السكان في الشمال السوري تكمن في عدم القدرة على تصدير المواد المصنعة داخليا إلى تركيا، حيث أن “المصيبة” التي تعاني منها المنطقة هي في منع دخول هذه البضائع إلى تركيا، وبالتالي “هنا تكون المشكلة الأساسية وهو ما يعيق حركة التجارة و التطور في الشمال السوري”.
وأكد أنه يجب أن يتم – إذا كانت هناك قدرة على التفاوض نوعا ما – السماح بإدخال البضائع السورية إلى تركيا أو على الأقل إلى الجنوب التركي في مقابل فتح معبر أبو الزندين، حتى يكون هناك تصريف للمنتجات الموجودة.
ونوّه بأن إنتاج الشركات أو المحال التجارية والصناعيةفي الشمال السوري، إضافة للانتاج الزراعي الموجود في الداخل السوري بحاجة للتصدير وإيجاد أسواق تصريف له، وإلا فإنه يباع – كما هو الحال – في الداخل بأسعار بخسة ولا يمكن للسوق الداخلي أن يجد تصريفا لهذه البضائع بسبب انخفاض قيمة العملة والوضع الاقتصادي الصعب نوعا ما بشكل أساسي، وبالتالي قد يشكل ذلك نوعا ما ضغطا على الصناعيين والتجار والزراعيين.
لكن كريّم يلفت لموضوع آخر، حيث يرى أن فتح معبر أبو الزندين يفتح الحديث من جديد حول منع وصول المساعدات الأممية عبر معبر باب السلامة الإنساني الذي تم تمديد فتحه العام الماضي لستة أشهر، وبالتالي قد يُفقد الشمال السوري ورقة الدعم الإغاثي عبر صندوق التعافي المبكر.
وحذّر أيضا من إمكانية حدوث التأثيرات السلبية جراء “خروج العملة الصعبة من مناطق المعارضة لمناطق سلطة الأسد”، الذي قد يحدث بعد عدة أشهر من التبادل التجاري وتحويل الأموال، فضلا عن احتمال قيام “التجار وأمراء الحرب بسحب بعض البضائع من المنطقة لإدخالها إلى مناطق سيطرة الأسد ما قد يرفع سعرها”.
هل للموضوع أبعاد غير اقتصادية؟
يربط المتابعون بين توقيت الدعوة لإعادة فتح المعبر، والتصريحات التركية التي تتحدث عن الرغبة في تطبيع العلاقات مع سلطة الأسد، لذا يُنظر للموضوع على نطاق واسع بأنه بند من بنود استعادة العلاقات السياسية.
ويرى شعبو أن مصلحة تركيا في فتح المعابر هي اقتصادية بحتة، و”ليست هنالك أي مصالح أخرى”، لكن “ربما تسعى إلى جانب المصلحة الاقتصادية لإعادة مادة التواصل مع سلطة الأسد”، كما أن موضوع اللاجئين هو موضوع أساسي بالنسبة لتركيا التي تحاول إيجاد قنوات تواصل مع السلطة، بشكل أو بآخر لحلحلة موضوع اللاجئين بأسرع وقت ممكن.
أيضا هناك موضوع قسد الذي يشكل هاجسا لأنقرة التي تفضل سيطرة الأسد في المنطقة الحدودية على بقاء قسد في الشمال الشرقي، وفقا لشعبو، وبالتالي “هنالك بعض المتغيرات التي تجري على الأرض.. سياسيا على الأقل”.
وتبقى المصلحة الاقتصادية هي الأساس بالنسبة لقضية المعبر، وهي إيجاد تصريف للمنتجات التركية، خاصة مع ما تعيشه البلاد من وضع اقتصادي يمكن وصفه بأنه ليس سويا على الأقل.. “لا نقول سيء ولكنه ليس سويا”.
هل توجد مصلحة خليجية؟
يربط البعض بين فتح المعابر والرغبة الإقليمية باستعادة الحركة بين دول الخليج وتركيا وأوروبا، لكن الخبير شعبو يرى أن دول الخليج رغم أنها تريد حلحلة الأوضاع اليوم مع تركيا، إلا أنها ليست لديها الرغبة الكبيرة في التبادل التجاري.
وأضاف: شعبيا على الاقل باتت البضائع التركية غالية الثمن نتيجة ارتفاع التكاليف داخل البلاد فأصبحت غير جاذبة للمستهلكين في الأسواق الخارجية، بما فيها الخليجية، ولكن تركيا هي التي ترغب في فتح هذه الأسواق.
ونوّه بأن دول الخليج العربي أوجدت مصادر استيراد أخرى واستطاعت التأقلم مع الواقع، أما أنقرة فقد “تعرضت للخسارة الكبرى اقتصاديا جراء موضوع إغلاق المعابر”.
يشار إلى وجود معاناة اقتصادية في الداخل التركي، تتمثل في تحديات تواجه الإنتاج المحلي، وقلة اليد العاملة بعد ترحيل عدد كبير من السوريين، ومشاكل تتعلق بسعر الفائدة وأسعار الصرف.