أعادت وفاة الشيخ السوري محمود الحوت الأضواء مجددا إلى سيرته، وموقفه من سلطة الأسد، حيث لقي حتفه اليوم الثلاثاء، بعد معاناة مع المرض في دمياط المصرية، والتي أقام فيها منذ سنوات.
وفيما رفض التظاهر والاحتجاج على السلطة في سوريا، فقد حرص في مصر أيضا على عدم مشاركة طلابه بالأزهر في المظاهرات الاحتجاجية.
يعتبر الشيخ الحلبي، من أبرز الوجوه الصوفية المعروفة على مستوى حلب وسوريا، وله أتباع ومريدون كثر، ما يعني – وفقا لكثير من المتابعين – أن لموقفه قيمة كبيرة تتعدى الرأي الشخصي.
وحول ذلك، يقول الشيخ وسام القسوم أبو عمر عضو المجلس الإسلامي السوري، لحلب اليوم، إن الحوت “لم يتخذ موقفاً داعماً للثورة السورية، وكان له في بدايتها لقاء مع المجرم بشار الأسد تكلم فيه بجوانب إصلاحية يغلب عليها الطابع الديني”.
وأضاف: “لم يؤثر عنه رغم زخمه الشعبي الكبير وانتشار طلابه في سوريا، وخاصة في مدينة حلب الدعوة لدعم المتظاهرين أو الانخراط في صفوف الثورة… بالمقابل لم يظهر منه دعم علني للمجرم الأسد كغيره من المشايخ كأحمد حسون وأمثاله”.
وتشير مصادر مطلع لحلب اليوم، إلى أن الحوت دعا خلال أحداث الثورة طلّابه لأن “يلتزموا بيوتهم ويُمسكوا عليهم ألسنتهم، وذلك أفضل من أن تُدمر دار النهضة ويسحب مشايخها إلى فروع الأمن” حسب قوله.
واعتبر أن “جور السلطان 50 سنة أفضل من جور الهرج شهرًا واحدًا”، حيث يقصد بالهرج “الفتنة والقتل”، لذا فقد اتخذ مع انطلاق الثورة السورية عام 2011 موقفًاً سلبيَّا منها بل حرّم الخروج على الحاكم ولو كان كافرًا “منعًا لسفك الدماء” على حد تعبيره.
كذلك دعا الحوت طلاب الدراسات العليا في جامعة الأزهر لعدم المشاركة في مظاهرات مصر ولا الإدلاء بأي تصريح أو اتخاذ موقف منها وفق ما جاء في تسريب صوتي له بثّته تنسيقيّة مشاعل الحرية على حسابها في العاشر من تموز عام 2012.
هل يمكن وصف موقفه بالحياد؟
وجه محمود الحوت في الثاني عشر من آب عام 2012، رسالة مكتوبة “لأهالي سوريا عامة وحلب خاصة” خاطب بها السلطة والشعب، على حد سواء، وفقا لمصادر حلب اليوم.
ومما جاء فيها: “إلى السلطة في سوريا أكرر ما قلت على منبر الكلتاوية: كفاكم قتلًا للرجال والنساء، للكبار والصغار، كفاكم هدمًا للبيوت والجوامع والمدارس والمعاهد والتراث العالمي في سوريا.. لقد دعونا إلى الإصلاح وتلبية مطالب الناس ولكننا لم نجد إلا قتل الناس، دعونا إلى الحوار فأجابتنا المدافع والدبابات والطائرات”.
وفي رسالته إلى “الشعب السوري عامة”، قال: “أدعوكم إلى الاعتماد على الله وحده أولاً وآخراً، أدعو الشبابَ في كل المدن والقرى والأحياء إلى المسارعة بتشكيل لجان لضبط مداخل الأحياء والعملِ على حراستها وحمايةِ الأهالي والحفاظِ على الممتلكات العامة والخاصة والدفاع عنها”.
ورغم تلك الكلمات التي وجهها الحوت للسلطة، رأى الشيخ وسام أنه “يظهر في ثنايا كلامه عدم التشجيع على الوقوف ضد الأسد حيث يكيل التهم بحق المتظاهرين”.
ومضى بالقول: “نستطيع القول أنّ ما يسمى ( الحياد) من المؤثرين وقادة الرأي والنخب العلمائية يصب من حيث المآل في دعم المجرم الأسد ولو بطريقة غير مباشرة”.
ويعتبر محمود الحوت من أبرز مشايخ الصوفية في حلب، عمل مدرسًا وخطيبًا في عدد من مساجد المدينة، منذ ثمانينيات القرن الماضي، منها، الجامع الأموي الكبير، جامع عبد الله بن عباس، وجامع سعد بن الربيع.
ولد في مدينة حلب عام 1956، انتسب إلى “المدرسة الكلتاوية” 1968 وتخرج فيها عام 1975، التحق بجامعة الأزهر – كلية اللغة العربية عام 1975 وتخرج فيها عام 1979 ثم حصل على الماجستير من كليّة اللغة العربيّة عام 2003 بجامعة الأزهر أيضاً.
شغل منصب مدير “دار النهضة للعلوم الشرعية” “الكلتاويّة” بحلب منذ العام 1983، وبرز اسمه خلال العقود الثلاثة التي سبقت الثورة، حيث تمتع بقوة التأثير والخطابة، وكانت خطبته يوم الجمعة في “الكلتاويّة” تشهد حضور الآلاف.
خرج الشيخ محمود الحوت من حلب عام 2012 قبل دخول الجيش الحر إلى المدينة واستقر في دمياط بمصر وفي حزيران 2019 زار حلب ثم عاد إلى مصر ليبقى فيها حتى آخر أيّام حياته.