يستمر انتشار الجرائم في أوساط السوريين، خصوصا المراهقين، في ظل الفوضى الأمنية، والتفكك الاجتماعي والأسري، وارتفاع معدلات الفقر والتسرب من المدارس، بعموم مناطق سيطرة الأسد.
وقد أصيبت امرأة في مدينة حماة الخاضعة لسيطرة السلطة، وسط البلاد، بجروح في الرأس وكدمات بالوجه نتيجة تعرضها للضرب من قبل شابين حاولا قتلها وسلب مصاغها الذهبي وقالا إنهما “طالبان في الثانوية وبحاجة دروس تقوية للغة الفرنسية”.
وقبل ذلك بيومين قتلت امرأة في العقد السابع من العمر في ناحية “بنان” بريف حلب الخاضعة لسيطرة قوات الأسد بعد تعرضها للضرب على منطقة الرأس والصدر بحجر من قبل شاب أقدم على قتلها وسرقة مصاغها الذهبي ومبلغًا قدره 500 ألف ليرة سورية.
وفي دمشق أقدم شاب على سرقة مبالغ مالية كبيرة، ومصاغ ذهبي، من منزل والدته في حي ركن الدين بالاشتراك مع أبناء خالته، حيث دخلوا إلى منزلها ليلاً أثناء غيابها عنه.
وقبل ذلك شهدت بأيام المنطقة نفسها جريمة قتل، حيث تم العثور على جثة امرأة في الثلاثينيات من عمرها داخل شقتها، وقد توفيت طعناً على يد زوجها بعد خلافات بينهما.
وتشير مراسلة حلب اليوم في دمشق، إلى أن العاصمة تشهد تصاعدًا ملحوظًا في معدلات جرائم القتل، ما يعكس أزمة أمنية واجتماعية متفاقمة، ويثير قلق السكان بشأن تفشي العنف.
وسجلت المدينة مؤخرًا حالة أخرى من جرائم القتل؛ وقعت في حي المزة، حيث أقدم رجل على قتل جاره باستخدام سلاح ناري بعد مشاجرة حول نزاع على حدود الأراضي، سرعان ما تطورت إلى مواجهة دامية.
الضغوط تزيد العنف داخل الأسر
أكدت الناشطة المدنية سلوى.ت، لحلب اليوم، أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في مناطق سلطة الأسد تلعب دوراً كبيراً في زيادة جرائم القتل والعنف الأسري، حيث أن التوترات داخل الأسر تتفاقم تحت ضغط الأزمات المالية.
وأضافت أن التوتر يدفع البعض إلى اتخاذ قرارات يائسة، بما في ذلك ارتكاب أعمال “العنف الأسري الذي يتزايد بشكل ملحوظ في ظل الوضع الاقتصادي السيئ، بينما لا تتوفر الموارد والدعم الكافيين لمساعدة الضحايا أو معالجة الأسباب الجذرية للعنف”.
وفيما يُعتبر المراهقون أول ضحايا تفكك العائلات والمجتمع، تؤكد الباحثة الاجتماعية السورية، وضحة العثمان، لحلب اليوم، أن الفقر حقيقةً له دائما انعكاسات سلبية جدا، حيث يوجد هناك ربط دائما بين الفقر والضغوط الاقتصادية من جهة، وبين العنف الأسري والتفكك من جهة أخرى، وهو ما تراه صحيحا.
وتؤكد أن الظروف القاسية جدا تنعكس بشكل سلبي على الإنسان، وعندما يصبح عاجزا عن تقديم متطلبات عائلته فقد يتجه اتجاهات سلبية لتغطية هذا العجز والضعف أمام الأسرة، وربما يتحول إلى شخص سلبي و عدواني ما ينعكس على الأسرة بشكل عام، ويسبب العنف.
وتشير البيانات الأممية والتقارير الإعلامية إلى تراجع مستمر في الوضع المعيشي للسوريين، مع الانهيار الاقتصادي المستمر.
وتضيف العثمان أن محاولة التخلص من الحالة النفسية التي يعيشها الرجل، والناتجة عن عجزه عن تأمين احتياجات البيت، تخلق بيئة مناسبة لقضية العنف الأسري.
في ذات السياق، صرحت المرشدة الاجتماعية منال.ع قائلة لحلب اليوم: “الفقر وعدم الاستقرار المعيشي يؤديان إلى حالات اكتئاب حادة، مما يؤثر بشكل كبير على السلوكيات.. فعندما يعجز الرجال عن تأمين متطلبات أسرهم، يتفاقم الغضب ويؤدي إلى سلوكيات عنيفة”.
ولفتت إلى أن “غياب فرص العمل وكثرة الحاجة لمستلزمات العائلة تدفع بعض الشباب وضعيفي النفوس إلى ارتكاب جرائم بهدف السرقة، بحثًا عن وسائل لتلبية احتياجاتهم الأساسية”.
وتشير البيانات إلى تسجيل 118 جريمة قتل في مناطق سيطرة الأسد منذ بداية عام 2024، أسفرت عن مقتل 129 شخصًا، بينهم 6 أطفال و20 سيدة.