حلب اليوم – خاص
تشهد مناطق ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة قسد تصاعدًا مقلقًا في ظاهرة حمل السلاح العشوائي بين المدنيين، مما يثير مخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية إلى مستويات خطرة.
بحسب مراسل “حلب اليوم” في دير الزور، على الرغم من وجود حواجز أمنية ونقاط عسكرية تابعة لقوات “قسد” على الطرقات، فقد أصبح حمل السلاح عشوائيا ظاهرة ملحوظة، إذ باتت مشاهد انتشار السلاح واضحة في الأسواق والحفلات والمناسبات الاجتماعية.
ما علاقة “قسد”؟
يقول مراسلنا، إن انتشار الأسلحة بكثرة بين المدنيين يعود بالدرجة الأولى لقيام عناصر “قسد” بالترويج له عبر عناصر تابعين لها، إذ يقومون عناصرها ببيعه للمدنيين وتجار الأسلحة بأسعار تُقدر بنصف سعرها الحقيقي.
عمار.خ، أحد سكان بلدة هجين بريف دير الزور، أكّد لمراسلنا، أنه اشترى من أحد عناصر “قسد” ذخيرة سلاح “كلاشنيكوف” بسعر ثلاثة آلاف ليرة سورية للطلقة الواحدة، بينما سعرها في السوق يتراوح بين 6000 و8000 ليرة سورية.
وأوضح أيضاً أنه اشترى بارودة كلاشنكوف بسعر ثلاثمئة دولار أمريكي فقط، في وقت يصل سعرها الحقيقي إلى ستمئة دولار في الأسواق.
في هذا السياق، كشف مصدر مقرب من تاجر أسلحة في دير الزور لمراسلنا، فضّل عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، عن قيامه بشراء ذخائر من عناصر ينتمون إلى قوات “قسد” بسعر منخفض وبيعها بسعر مرتفع.
وقال إن التاجر المُكنى “أبو غاوي” يتبادل مع عناصر “قسد” قطعًا تالفة من الأسلحة مثل الكلاشينكوف والبي كي سي، ويعيد تجهيزها وبيعها بأسعار أعلى، إضافة إلى تجارة بعض الأسلحة القادمة من مناطق سيطرة سلطة الأسد.
وتتراوح أسعار سلاح الكلاشينكوف وفقًا للمصدر بين 200 و1500 دولار أمريكي، حسب النوع والمواصفات، بينما يتراوح سعر قطعة البي كي سي بين 1500 و3000 دولار، بناءً على النوع والنظافة.
حوادث مؤلمة
إحدى الحوادث المؤلمة التي وثقها مراسلنا في دير الزور، نتيجة انتشار السلاح بين السكان، هي تعرض المدعو “أبو خليل”، البالغ من العمر 33 عامًا، للإصابة بعيار ناري خلال عملية “تشليح” عند حاجز مؤقت أقامه مجهولون على الطريق العام بين دير الزور والحسكة منتصف الشهر الحالي (يوليو/تموز)، حيث سرق المسلحون هاتفه المحمول ومبلغًا قدره 600 دولار أمريكي كان في السيارة، إذ لم يتمكن أبو خليل من مقاومة عملية السلب خوفًا على حياته.
في حادثة أخرى، أكدت “رولا. ط”، البالغة من العمر 22 عامًا، وفاة والدتها نتيجة إصابتها في الرأس بإطلاق نار عشوائي في بلدة البحرة بريف دير الزور الشرقي خلال حفل زفاف مطلع الشهر الحالي، إذ خضعت في الساعات الأولى للإصابة لعمليات جراحية عدة في مدينة الحسكة، ولكن جميع المحاولات لم تنجح وتوفيت.
وفي السياق، وثق مراسلنا وقوع أكثر من 15 اقتتالًا عشائرياً في دير الزور خلال النصف الأول من هذا العام (2024)، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 8 مدنيين وإصابة العشرات.
آثار انتشار السلاح
من وجهة نظر الناشط الإعلامي “عادل الخالد” من دير الزور، فإن عودة انتشار السلاح العشوائي بين السكان في شمال شرقي سوريا يشكل تهديدًا جديًا لحياة السكان جميعًا. إذ باتت هذه الظاهرة تهدد حياة السكان، وتعزز من الفوضى المستشرية أساسًا في المنطقة.
وأوضح في معرض حديثه لـ “حلب اليوم”: أن تفشي ظاهرة السلاح العشوائي لا يقتصر تأثيره في تهديد الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل تهديد الاستقرار الاجتماعي والأمني بشكل عام”.
ظاهرة ليست جديدة
وليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها دير الزور حالة فوضى من هذا النوع. بحسب مراسلنا، فقد عاشت المدينة ظروفًا مشابهة في عام 2021، حينما طالب وجهاء العشائر قوات “قسد” بإصدار قوانين صارمة للحد من ظاهرة حمل السلاح غير المرخص بين السكان.
هذا ويؤكد مراسل حلب اليوم أن الحملات الأمنية التي تنفذها “قسد” بشكل دوري، تكاد تكون حملات صورية للتغطية عن ممارسات عناصرها الذين يتخذون من بيع الأسلحة للأهالي مصدرا لكسب المال لهم.