انتهت التهديدات العسكرية الإسرائيلية بشن حرب واسعة على حزب الله في لبنان، بغارة جوية استهدفت قياديا بالضاحية الجنوبية، فيما تستمر الضربات القاسية على غزة، دون وجود أية مساندة ذات قيمة لها من قبل الميليشيات الموالية لإيران، رغم حديثها المتكرر عن “المقاومة”.
وأدى الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس الثلاثاء، إلى مقتل امرأة ووقوع عدة مصابين، في حصيلة أولية، قبل أن تتوالى الأنباء عن فقدان قيادي بحزب الله كان في مكان الضربة.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، أن الغارة استهدفت فؤاد شكر، المسؤول عن الضربة الصاروخية التي أدت إلى مقتل عدد من المدنيين في الجولان المحتل، فيما أكد حزب الله أنه كان في المبنى المستهدف، دون أن يعترف على نحو مباشر بمقتله.
المعتقل السابق لدى حزب الله، والمطلع على سياساته، رامز السيد، من تيار التغيير الوطني السوري، قال لحلب اليوم، إن “هذا العداء الهزلي أصبح أمراً مكشوفاً للجميع”.
هل من الممكن أن تحدث مواجهة فعلية بين الجانبين؟
سادت الأجواء العديد من التوترات في مرات سابقة، وتداولت وسائل الإعلام تقارير تحذر من “حرب شاملة” على الجبهة الجنوبية للبنان، لكن تلك التهديدات كانت عادة ما تنتهي بضربة أو اثنتين مع تحذيرات إسرائيلية.
وحول مدى إمكانية اندلاع حرب فعلية، قال السيد، وهو عضو المكتب السياسي لتيار التغيير الوطني السوري ومدير مكتب فرنسا، إنه “من خلال مشاهدة تلك المواجهات الحالية يستطيع المشاهد أن يحكم وبشكل مبرم بأن هذا العداء هزلي جداً ومضحك للغاية. فحزب الله الذي ينتمي إلى كل شي إلا الله يستهدف أعمدةً خارجة عن الخدمة منذ تسعينيات القرن المنصرم، ويسمى ضرباته هذه بالإستراتيجية”.
وأضاف أن حزب الله يمارس “حالة استغباء تام لعقل وفكر المشاهد” حيث “خرج أمينه العام ليتابع مسرحية حزبه المضحكة بتهديدات لم، ولن تبصر النور لا على المدى القريب ولا البعيد، مما يشير إلى استحالة حدوث مواجهة حقيقية بين الطرفين”.
وأكدت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع الحصيلة اليوم إلى 3 قتلى بينهم طفلان و74 جريحا، فيما “لا يزال 9 يحتاجون إلى الاستشفاء خمسة من بينهم في حال حرجة”.
وأفاد مسؤول بحزب الله، بأن الغارة الجوية على ضاحية حارة حريك الجنوبية في بيروت ألحقت أضرارا بعدة مبان، وهو ما أظهرته العديد من المقاطع المصورة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف القائد العسكري “المسؤول عن مقتل 12 طفلاً”، في هجوم صاروخي على مرتفعات الجولان المحتلة، يوم السبت الفائت، حيث أنكر حزب الله مسؤوليته عن الهجوم.
من جانبها نقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر أمنية رفيعة المستوى أن الضربة استهدفت رئيس غرفة عمليات حزب الله، وأن مصيره لا يزال مجهولا، مبينة أنه يدعى محسن شكر، لكنه يعرف أيضا باسم فؤاد شكر.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن شكراً المعروف باسم الحاج محسن هو “اليد اليمنى للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله” مضيفا أنه قُتل “بناء على معلومات استخباراتية”، وأنه كان ضالعا على نحو مباشر في اختطاف جثامين ثلاثة جنود عام 2000.
ورغم ذلك فقد أكد المتحدث أن حزب الله “لا يريد حربا” مع إسرائيل، رغم أن التقديرات تشير إلى أنه سيرد بشكل “غير اعتيادي”، فيما”رفع سلاح الجو الإسرائيلي استنفاره تحسبا لهجوم بالمسيّرات على إسرائيل من الأراضي اللبنانية”، وفق موقع واللا الإسرائيلي.
وبحسب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن الجيش الإسرائيلي استهدف نحو 10 أهداف لحزب الله في جنوب لبنان خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما أعلن حزب الله عن تنفيذ 11 عملية يوم الثلاثاء، ضد مواقع إسرائيلية.
ما هي نتائج العملية؟
يرى السيد أن المستفيد من هذه المجريات هو جهات إسرائيلية معينة، حيث يمارس حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، حيث يمارس الاستثمار السياسي، معتمدا على “وجوب وجود عدو خارجي كرتوني يحقق له ذريعة تتمثل بالتمترس السياسي والقفز فوق أساطير الحقوق الداخلية لديه”.
أما فيما يخص الضربات “التي يدعي حزب الله بأنه يقوم بها في العمق الإسرائيلي” فعليه أن “يذكر لنا هدفاً إستراتيجياً واحداً استهدفه أو نتيجة حقيقة واحدة قلبت ميزاناً عسكرياً واحداً”.
ويشير السيد إلى أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية بالأمس كانت أهدافها داخلية، “لتحقيق انتصار سياسي لحزب الليكود وتخفيف الاحتقان الشعبي في الشارع الإسرائيلي بما يخص ملف الأسرى لدى حماس”، مؤكداً أن الهدف منها “ليس القضاء على حزب الله اللبناني أو كسر شوكته في المنطقة أو إضعافه عسكرياً”.
ردود فعل دولية
أعلنت روسيا رفضها للضربة، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن الضربات الإسرائيلية على لبنان تشكل “انتهاكا صارخا للقانون الدولي”.
بدوره أدان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الهجوم الإسرائيلي، ووصفه بـ”العمل الإجرامي”، ومؤكداً “احتفاظ لبنان بحقه في الإجراءات الرادعة لإسرائيل”، داعيا المجتمع الدولي إلى”تحمّل مسؤولياته والضغط بكل قوة لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها وتهديداتها وتطبيق القرارات الدولية”.
من جانبها قالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، المرشحة الديموقراطية المحتملة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، إن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها”، مضيفة “أنا أؤيد بشكل قاطع حق إسرائيل في البقاء آمنة والدفاع عن أمن إسرائيل. لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي منظمة إرهابية، وهذا بالضبط ما يمثله حزب الله”.
من جانبها أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جنين هينيس – بلاسخارت عن “قلقها العميق” إزاء الضربة التي شنها الجيش الإسرائيلي على “منطقة مكتظة بالسكان” في الضاحية الجنوبية لبيروت.
كما استنكرت حركة “حماس” الفلسطينية، الغارة ووصفتها بأنها “تصعيد خطير”، فيما أدانت حركة الجهاد الإسلامي “العدوان الإسرائيلي على لبنان”، ووصفته بأنه “تمتد من الحكومة الإسرائيلية لإشعال المنطقة”.