أصدرت لجنة حقوق الإنسان ملاحظاتها الختامية حول مدى التزام سلطة الأسد ببنود العهد الدولي بشأن قائمة المسائل المتعلقة بتقريره الدوري الرابع، مؤكدة وجود الكثير من المعلومات الكاذبة والتضليل.
وقالت رابطة المحامين السوريين الأحرار، في بيان، إن سلطة الأسد حشدت نخبة من الكوادر القضائية والقانونية والدبلوماسية، فقد حضرت 10 شخصيات من أعلى المستويات تمثيلا في جلسات النقاش مع اللجنة ردا على قائمة المسائل وفقا للتقارير المقدمة من منظمات المجتمع المدني؛ منهم من حضر فيزيائيا ومنهم من حضر عبر الأنترنت من دمشق.
وتمثل وفد سلطة الأسد برؤساء البعثات الدبلوماسية ومعاون وزير العدل وممثلا عن كل من وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية و العمل و وزارة الإدارة المحلية والبيئة وممثلا عن هيئة التخطيط والتعاون الدولي.
وقال مدير العمليات في رابطة المحامين السوريين الأحرار، عمار عز الدين، لموقع حلب اليوم، إن سلطة الأسد لم تتوانى منذ بداية الحراك في سوربا عن ممارسة كافة انواع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق السوريين ولا يمكن فصل هذه الانتهاكات عن بعضها لأنها حلقة متكاملة الهدف منها إرهاب الشعب وإجهاض الثورة.
وأضاف أن الاعتقال التعسفي و التعذيب و الإخفاء القسري “أهم سلاح استخدمته السلطة لبث الرعب والخوف في نفوس السوريين الذين طالبوا بالحرية والعدل والمساواة ثم تبعتها انتهاكات أخرى لا تقل أهمية كمصادرة أموال وممتلكات السوريين كسياسة عقاب جماعي للمناطق التي ثارت ضدها”.
وأكد أن الانتهاكات التي ارتكبت بحق الشعب السوري ومازالت مستمرة تشكل حلقة متكاملة مرتبطة ببعضها، وأن الخطورة في قوننتها ضمن القوانين و التشريعات، وهو ما ورد في تقرير لجنة حقوق الإنسان.
وقدمت سلطة الأسد تقريرها عام 2021، بعد سنوات من التأخير، حيث كان المفروض تقديمه في عام 2009، في ظل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها، حيث جاء التقرير لتقدم روايتها بأنها “الطرف المنتصر المسامح”، بحسب اللجنة.
ماذا عن “الإصلاحات” و “التغييرات” التي تتخذها سلطة الأسد؟
تحاول سلطة الأسد الترويج “لإصلاحات” و “تغييرات” قانونية وتنظيمية، لكن العديد من المتابعين يرونها شكلية، وبعيدة عن الواقع جدا، فيما يؤكد عز الدين أن بنية النظام السياسي والتصميم القانوني للنظام القضائي خلقت بيئة خصبة لنشوء إيديولوجية عززت ثقافة الإفلات من العقاب والتسلطية مع وجود مراسيم استثنائية تتعارض مع كافة بنود العهد.
وأوضح أن ما كان استثنائيًا نال لاحقًا صفة الديمومة، حيث أدرجت السلطة نص المادة 154 التي تنص على: “تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إعلان هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تعدل بما يوافق أحكامه، على أن يتم التعديل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية”.
وأكد أن أي حديث عن التزام السلطة ببنود العهد أو تحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا وإدماجه هو “أمر من ضرب الخيال”، نظرًا لسمو المراسيم الاستثنائية على الدستور، حيث “طعن الدستور في سموه على القوانين الأخرى في مقتل، وقوضت مفاعيل أي حماية يقرها لحقوق الإنسان من خلال المادة 154”.
وأضاف عز الدين أن “هذه القاعدة جعلت من الدستور نكتة في المجتمع السوري.. كيف لا وقد ضرب الدستور بعرض الحائط المواد غير القابلة للتقييد وفقًا للمادة 4 (2) من العهد الدولي، ومنها المادة السادسة المتعلقة بالحق في الحياة، والمادة السابعة المتعلقة بمنع التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، والمادة 15 التي نصت على عدم رجعية التجريم، والمادة 16 المتعلقة بالاعتراف بالشخصية القانونية، والمادة 18 المتعلقة بحرية الفكر والوجدان والدين”.
في ظل هذه البيئة – يضيف المحامي السوري – تعاملت السلطة مع السوريين منذ عام 2011 في تلك البيئة التي سهلت الاعتقال و الإخفاء القسري، حيث أن “التعذيب الذي أوضحته صور قيصر، والقتل خارج نطاق القضاء في فيديو مجزرة التضامن، وانتهاكات حق المحاكمة العادلة من قبل محكمة الإرهاب المعفاة من الشروط الإجرائية التي تمنع المحامين من الوصول إلى ملف الدعوى للتحضير.. كل ذلك دون محاسبة”.
وتشير لجنة حقوق الإنسان إلى أن السلطة لم تتخذ أي خطوات حقيقية لتحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا، وأن “ما يروج له لا يتعدى البروبوغاندا الإعلامية التي توصف بالوقحة في ظل التقارير والتوثيقات الني تؤكد استمرار الانتهاكات وقوننتها ضمن القوانين والتشريعات وإفلات الجناة من العقاب”.
كيف يمكن التعامل مع تجاوزات السلطة القانونية والإنسانية؟
يجد السوريون أنفسهم عاجزين عن الحصول ولو على جزء بسيط من حقوقهم الإنسانية، أمان تعنت وعنف سلطة الأسد وقواته الأمنية.
ويشير عز الدين إلى أن المصالح السياسية الحالية للدول، مع عدم وجود توافق دولي لإحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية، لم يترك أمان السوريبن سوى “مجالات محدودة”، موضحا أن “هيئات مجلس حقوق الإنسان مثل لجان المعاهدات التقرير الذي قدمناه للجنة حقوق الإنسان.. الإجراءات الخاصة أمام مجلس حقوق الإنسان.. لجنة التحقيق الدولية المستقلة.. والآلية المحايدة المستقلة الخاصة بسوريا.. كلها تعتبر آليات هامة جدا لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا وإصدار التقارير”.
وستكون أمام المجتمع الدولي إمكانية الاستفادة من هذه التقارير مستقبلا، في حال إنشاء محاكم دولية أو وطنية أو مختلطة لمحاسبة الجناة وتحقيق العدالة للسوريين، فهنالك اختصاص المحاكم الأوربية ضمن الولاية القضائية العالمية لكنه يخضع لشروط قانوتية محددة يجب توافرها حتى يمكن التقدم بدعاوى ضد مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، وفقا لعز الدين.
يشار إلى أن لجنة حقوق الإنسان تؤكد تقدم السلطة بمعلومات قانونية كاذبة، وجاء ذلك في الفقرة 6 من الملاحظات الختامية.