تزايد مؤخرا استخدام المسيرات في جنوب وشرق إدلب، بالإضافة لريف حماة الغربي، ما أدى لإيقاع الضحايا والمصابين وإرباك حسابات المدنيين في القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس، وسط حالة من التوتر المستمر بالمنطقة.
وتستخدم الميليشيات الإيرانية تلك المسيرات المعدلة يدويا والمحملة بالقنابل الصغيرة، منذ سنوات، وقد تم استعمالها بشكل لافت خلال الحملة الأخيرة بين عامي 2019 و 2020.
لكن العام الحالي شهد منذ بدايته تكثيفا لاستخدام تلك الطائرات الصغيرة التي تتميز بدقتها، وزادت كثافتها بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يتجاوز عدد استهدافاتها في بعض الأيام العشر مرات خلال اليوم الواحد.
وحول تأثير ذلك على الحياة اليومية للأهالي في المنطقة، قال محمد الرجب، مدير المديرية الثانية في الدفاع المدني السوري، في تصريح خاص لموقع حلب اليوم، إن تعمد استهداف المدنيين سبّب التوتر والخوف على الحياة اليومية في شمال غرب سوريا، نتيجة التهديد الذي يتربص بالسكان بشكل مستمر.
يقول الحاج أبو زهير النازح من ريف إدلب الشرقي، إنه سكن في قرية النيرب القريبة من بلدته التي نزح منها، حيث يوجد لدى أحد أصدقاءه منزل قدمه له مجانا بدون مقابل، لكنه منذ استقر في تلك القرية عام 2020، لم يشعر بالأمان مع أفراد اسرته لتكرار القصف المدفعي والصاروخي.
إلا أن المسيرات الإيرانية – يضيف الحاج – باتت أكثر خطورة، حيث تلاحق السيارات والأفراد ومن الصعب الإفلات منها في حال كنت على أرض مكشوفة.
ولا يقتصر استهدافها للآليات السائرة على الطرق أو بالقرب من خطوط التماس،حيث استهدفت سيارة الحاج منذ نحو أسبوعين وهي مركونه داخل سور البيت، مما ألحق بها خسائر مادية، ودفعه أخيرا لمغادرة المنزل نحو مدينة إدلب.
هجمات انتحارية
لا توجد حتى الآن إحصائية دقيقة لعدد الاستهدافات والمصابين والضحايا من المدنيين، خلال العام الحالي، لكن الدفاع المدني استجاب منذ بداية عام 2024 وحتى 30 نيسان، إلى 41 هجوماً انتحارياً بطائرات مسيرة، أسفرت عن مقتل مدنيين ثلاثة وإصابة 18 آخرين، من بينهم امرأة وأربعة أطفال.
ويصف الرجب ما يواجهه المدنيون في شمال غربي سوريا بأنه تهديد خطير مع استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية، التي تطلقها قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، مضيفا أن “هذا التصعيد الخطير في التكتيكات يهدد حياة السكان الأبرياء، ويدمر وسائل بقائهم على قيد الحياة وسبل عيشهم، بسبب الطبيعة الممنهجة لهجمات هذه المسيرات الانتحارية”.
وحذرت الخوذ البيضاء من أن إدخال المسيرات الانتحارية في شمال غربي سوريا كتكتيك جديد في الهجمات يستدعي اهتماما دوليا بسبب النمط التاريخي للهجمات المتعمدة على المدنيين من قبل قوات الأسد، حيث تتمتع المسيرات الانتحارية بالقدرة على شن هجمات بدقة متزايدة بسبب المستوى العالي من التحكم في اتجاه وهدف حمولتها.
جهود فردية
بادر بعض المدنيين إلى محاولة إسقاط تلك المسيرات بأسلحة الصيد، ما أدى لارتفاع الطلب عليها في القرى والبلدات بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، وزادت أسعارها وأسعار “الخرطوش” المستخدم في ضرب المسيرات.
ورغم إسقاط بعضها في حوادث متفرقة، لكن مراسل حلب اليوم يوكد أن تلك الأسلحة البسيطة لم تكن لتصنع فارقا.
يقول الرجب إن المدنيين حقيقة لا يمكنهم حماية أنفسهم من خطر الاستهدافات هذه وأدوات القتل التي تطورها سلطة الأسد بشكل مستمر دون أي رادع لها من المجتمع الدولي، معتبرا أنه يجب محاسبة السلطة على هذه الجرائم، بدلا من البحث عن أساليب لحماية المدنيين أنفسهم.
ودعا المدنيين بالمننطقة لتوخي الحذر الشديد من خطر هذه المسيرات وعدم التنقل بكثرة وتجنب الحركة المتزايدة في الأماكن التي تم رصد وصول المسيرات إليها لعدم استهدافهم، وفي حال الوجود في الأماكن التي يمكن أن تصل إليها الطائرات فيجب الإقلال من الحركة وتجنب التنقل في السيارات وتجنب التنقل في الأماكن المكشوفة (ممكن بين الأشجار أو في الأزقة) لتجنب إعطاء مشاهدة واضحة للطائرات.
كما شدد الرجب على ضرورة عدة استهداف الطائرة من مسافات قريبة لأنها تحمل ذخائر متفجرة يمكن أن تنفجر في السماء قبل وصولها وتتشظى فوق المدنيين.
واستهدفت الهجمات حتى مطلع الشهر الحالي، 21 قرية، مما عرض ما يقرب من 70,000 مدني للخطر، بما في ذلك 22,000 نازح، واستهدفت الهجمات مناطق تبعد 9 كيلومترات عن الخطوط الأمامية.
ومن المناطق الأكثر تضرراً في الفترة الماضية سهل الغاب بريف حماة الغربي حيث تعرض إلى 20 هجوما، وشملت القرى المستهدفة: الزقوم، والحميدية، والمنصورة، وقرقور، وقسطون، وتل واسط، وقليدين، وخربة الناقوس، والقاهرة، والمشيك، والزيارة.
أما في ريف إدلب فقد وقع 13 هجوما في كل من بنين، سرجة، شنان، كنصفرة، صفيات، فريكة، والشيخ سنديان، ووقعت في ريف حلب 8 هجمات شملت الأبزمو وكفرنوران ودارة عزة.
يشار إلى أن غالبية الهجمات استهدفت الطرق وراكبي الدراجات النارية والمركبات.