أدت حملة ترحيل اللاجئين السوريين الأخيرة، في غازي عنتاب جنوبي تركيا، إلى انخفاض عددهم بشكل كبير في المدينة، حيث انتهى المطاف بالكثير منهم في مراكز الترحيل نحو الشمال السوري، عقب أحداث قيصري المأساوية.
وكانت السلطات التركية قد أعلنت مطلع الشهر الجاري، عن حملة واسعة على “الهجرة غير الشرعية” في ولاية غازي عنتاب، حيث تم توقيف كل من لديه أدنى مخالفات، وسط حالة من القلق والتوتر في أوساط اللاجئين السوريين، مع توارد معلومات حول تحويل أعداد كبيرة إلى مراكز الترحيل.
جاء ذلك عقب زيارة وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، للمدينة، في مؤشر على حجم الحملة وأهميتها لدى الحكومة، حيث توعد بمحاربة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين بجهود مكثفة ومنظمة، وبتوسيع الحملة إلى مناطق أخرى.
وفي تقرير نشره موقع OLAY التركي أمس الجمعة، قال إن قسما كبيرا من المليون سوري المسجلين أو غير المسجلين الذين يعيشون في غازي عنتاب “اختفوا في الهواء”، بعد تنفيذ وزير الداخلية لعمليات الترحيل الواسعة.
وتم قبل حوالي شهر وضع 25 مركبة متنقلة في نقاط مهمة بالمدينة، وجرى إيقاف المارة في الشوارع من السوريين، وتحويل الكثير منهم لمراكز الترحيل، وسط تحريض مستمر من قبل المعارضة.
وحول الوضع الحالي في غازي عنتاب، وسبب تركيز الحملة فيها؛ قالت إيناس نجار من اللجنة السورية التركية المشتركة، لحلب اليوم، إن “محاربة الهجرة غير الشرعية تشمل جميع المدن الكبرى التي بها أكبر عدد من اللاجئيين وليس فقط عنتاب”.
وأضافت أن تلك الإجراءات تشمل جميع الأجانب المتواجدين بتركيا، كما يشمل خطر الترحيل حتى الأشخاص الذين هم بحاجة لتسوية أوضاعهم القانونية بدلا من ترحيلهم.
ومع انتشار معلومات السوريين منذ 2022، أصبح هناك تخوف من أن يكون على الشخص كود أمني بدون أن يعلم ماذا فعل وما هي التهمة الموجهة له، وفقا للنجار.
ونوهت بأن حالة الخوف الموجودة حاليا عند السوريين ليست وليدة اللحظة فقط، فانتشار الأمن وسيارات الهجرة “أعاد الذاكرة عند السوريين للمشاهد التي كنا نراها في سوريا والباصات الخضراء التي استخدمت للتهجير”.
هل تستمر حملات الترحيل؟
تحدثت عدة مصادر تركية وسورية عن تسهيلات وخطوات إيجابية على صعيد الأورواق القانونية الخاصة باللاجئين في تركيا، فيما يتخوفون من مستقبل قاتم بشأن وجودهم.
وأكدت نجار أن هناك سياسة جديد للتعامل مع اللاجئيين، وتسهيلات قادمة للحصول على أوراقهم الرسمية لتسوية أوضاعهم و الحصول على حقوقهم.
كما أعربت عن أملها في أن تشمل هذه التسهيلات التي وعدت بها الحكومة التركية، “الحفاظ على معلومات السوريين وحمايتهم”.
وبحسب المصادر الإعلامية التركية فقد لوحظ انخفاض واضح في وجود السوريين بمنطقة غازيلر، وشارع موترسيم عاصم، وشارع سوبورجو، وشارع كاراكوز، ومنطقة ساشاكلي، ومنطقة الكراجات، ومتنزه سانكو، والفورم، ومركز بريمال للتسوق، وهي أماكن كان السوريون يتجمعون فيها.
لماذا التشديد؟
قال المحلل والكاتب السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، لحلب اليوم، إن “الحملات تزداد على السوريين لأنها مع الأسف الورقة التي تضغط بها المعارضة على الحكومة وكذلك تستغلها الحكومة لتحقيق مكاسب على المعارضة”، مع غياب وجود “قوانين واضحة وصارمة تجرم العنصرية أيا كان هذا الشخص الذي تصدر منه”.
وأضاف أن المعارضة التي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية، ولو كانت على حساب اللاجيين، اختارت التركيز على السوريين واستخدامهم كورقة، نظرا لغياب القوانين الصارمة التي تمنع كل هذه التحركات.
وحول أسباب تلك الحملة في هذه الولاية أوضح حافظ أوغلو أنها تعتبر المركز الأساسي بعد اسطنبول ولها ثقل كبير، سيّما من حيث العمالة، وهناك ضغط اقتصادي كبير في الداخل التركي، تجاه قضية اللاجئين.
ورغم أن الولاية الواقعة جنوب البلاد، كانت فيها فرص جيدة للسوريين، فهي تحوي مناطق زراعية إضافة لكونها مدينة صناعية إلا أن “هذه الميزة التي تمتاز بها كانت وبالا على الوجود السوري هناك بسبب الحملات الشديدة”.
وبدأت الحملة بعد إصدار 41 منظمة مجتمع مدني في غازي عنتاب، بياناً مشتركاً ضد “تدفق اللاجئين السوريين”، والذي تزامن مع تزايد التحريض الإعلامي على اللاجئين والربط بين وجودهم وبين الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
يشار إلى أن منبر منظمات المجتمع المدني، أكد في بيان نشره أمس، أن بلدية “شاهين بيه” في ولاية غازي عنتاب توقفت عن منح “عقد نكاح” للأفراد الحاملين وثيقة الحماية المؤقتة، حيث تبيّن أن الإدارة المعنية في البلدية تطلب من أصحاب الحماية المؤقتة إبراز وثيقة الإقامة.