شددت السلطات التركية من إجراءاتها لملاحقة المهاجرين “غير الشرعيين” في مدينة غازي عنتاب جنوبي البلاد، وسط حالة من القلق والتوتر في أوساط اللاجئين السوريين، مع توارد معلومات حول تحويل أعداد كبيرة إلى مراكز الترحيل.
جاء ذلك عقب زيارة وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، يوم السبت الماضي، في مؤشر على حجم الحملة وأهميتها لدى الحكومة، حيث توعد بمحاربة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين بجهود مكثفة ومنظمة، وبتوسيع الحملة إلى مناطق أخرى.
لماذا التشديد؟
قال المحلل والكاتب السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، لحلب اليوم، إن “الحملات تزداد على السوريين لأنها مع الأسف الورقة التي تضغط بها المعارضة على الحكومة وكذلك تستغلها الحكومة لتحقيق مكاسب على المعارضة”، مع غياب وجود “قوانين واضحة وصارمة تجرم العنصرية أيا كان هذا الشخص الذي تصدر منه”.
وأضاف أن المعارضة التي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية، ولو كانت على حساب اللاجيين، اختارت التركيز على السوريين واستخدامهم كورقة، نظرا لغياب القوانين الصارمة التي تمنع كل هذه التحركات.
وزادت الداخلية عدد مركبات الهجرة المتنقلة في المدينة لتصل إلى 25، وقال يرلي كايا إن غازي عنتاب تأتي في المرتبة الثانية بعد إسطنبول من حيث عدد المهاجرين النظاميين، كما أنها “مدينة كبيرة ومهمة جداً بالنسبة لنا”.
وتوعّد الوزير التركي بزيادة الحملة الحالية في “مكافحة الهجرة غير النظامية”، مؤكدا أنها ستصل قريباً إلى شانلي أورفا وكلّس المجاورتين.
لماذا غازي عنتاب؟
حول أسباب انطلاق الحملة الجديدة من هذه الولاية أوضح حافظ أوغلو أنها تعتبر المركز الأساسي بعد اسطنبول ولها ثقل كبير، سيّما من حيث العمالة، وهناك ضغط اقتصادي كبير في الداخل التركي، تجاه قضية اللاجئين.
وأوضح أن الأنظار تتجه إلى المحافظات التي توجد فيها عمالة كبيرة من السوريين، وهي إسطنبول وغازي عنتاب، وكذلك أضنة و كلس، حيث يدفع تراجع الوضع الاقتصادي وزارة الداخلية للتركيز على غازي عنتاب بشكل أساسي لكونها مدينة صناعية، وفيها عدد كبير من الأيادي العاملة “متعددة الأطياف”.
ورغم أن الولاية الواقعة جنوب البلاد، كانت فيها فرص جيدة للسوريين، فهي تحوي مناطق زراعية إضافة لكونها مدينة صناعية إلا أن “هذه الميزة التي تمتاز بها كانت وبالا على الوجود السوري هناك بسبب الحملات الشديدة”.
وبدأت الحملة بعد إصدار 41 منظمة مجتمع مدني في غازي عنتاب، بياناً مشتركاً ضد “تدفق اللاجئين السوريين”، والذي تزامن مع تزايد التحريض الإعلامي على اللاجئين والربط بين وجودهم وبين الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وتجري السلطات التركية عمليات تفتيش واسعة النطاق، حيث نشرت عشرات نقاط التفتيش في الطرق والأسواق ومراكز المواصلات، و شملت الأجانب ممن لديهم إشكالات في أوراق إقامتهم، خاصة لناحية الأكواد.
وما تزال الحملة مستمرة وسط توقعات بتمديدها لنحو أسبوع آخر، قبل أن تنتقل إلى المناطق المجاورة، في ولايتي مرسين وهاتاي، ومن أبرز أسباب التوقيف والترحيل عدم تحديث عنوان السكن.
وكان المجلس الإسلامي السوري قد توجه إلى المسؤولين في تركيا بأن “يقوموا بواجبهم في حماية اللاجئين المستضعفين”، مطالبا العلماء والدعاة وقادة الرأي في تركيا أن يؤدوا “الأمانة العظيمة”، ومذكرا “بسيادة القضاء على الجميع”.