بعد نشر صحيفة تركية معلومات عن لقاء مرتقب في آب المقبل، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، نفت روسيا ذلك رسميا، كما نفت مصادر تركية وجود موعد أو اتفاق أولي بشأن اللقاء المفترض.
وبالتوازي مع ذلك تعرضت نقطة عسكرية تركية على أطراف بلدة النيرب، بريف إدلب الشرقي، ظهر أمس الثلاثاء للاستهداف من مواقع قوات الأسد في سراقب شرقي إدلب، وهو ما ردت عليه المدفعية التركية باستهداف مواقع قوات الأسد في سراقب.
وقبل ظهر اليوم استهدفت طائرة مسيّرة مفخخة أطراف النقطة العسكرية التركية في قرية كدوَرة شرقي إدلب، دون ورود أنباء عن خسائر أو إصابات.
هل هناك رسائل إيرانية؟
من المعروف أن الميليشيات المرتبطة بإيران هي التي تستخدم تلك المسيرات، حيث تنشط في ضرب أهداف يومية قرب خطوط التماس، ما يلقي بظلاله مجددا حول حقيقة الموقف الإيراني من التطبيع.
يرى الباحث السياسي الروسي المتخصص بالشؤون الدولية والعلاقات الدبلوماسية، ديمتري بريجع، في إفادته لحلب اليوم، أن هناك أطرافا كثيرة دولية، تريد أن تلعب دورا في الملف، بمن فيها الولايات المتحدة، وأيضا إيران التي لديها “تقاطع مصالح مع روسيا”.
وأعلن أكثر من مسؤول إيراني ترحيبه بجهود التطبيع، خلال الأيام الماضية، مع تداول تقارير حول موقف رافض من قبل طهران للمسار الذي يحظى باهتمام روسي خاص.
وحول ذلك نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن دبلوماسي روسي لم تسمه قوله إن موقف طهران “مساند لجهود موسكو لتقريب وجهات النظر بين دمشق وأنقرة”، وقال إن “التنسيق مع طهران يجري على أعلى المستويات، فإيران عامل مساعد ولا تعرقل تلك الجهود بل تنخرط معنا في تنسيق كامل”.
لكن استهداف النقاط التركية في إدلب بشكل مباشر اليوم وأمس، وباستخدام مسيرات إيرانية، قد يحمل في طياته رسائل عدة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد دعا الاسبوع الماضي، كلا من واشنطن وإيران إلى الترحيب بجهود التطبيع وعدم رفضها، في إشارة غير مباشرة لاعتراضات من قبل طهران.
هل تهيأت الأرضية للقاء؟
قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس، إنه لا يمتلك معلومات حول إمكانية عقد اللقاء، في آب المقبل بروسيا، فيما نقلت وكالة “ANKA” الإخبارية التركية عن مسؤول تركي رفيع قوله: “التقارير التي تفيد بأن رئيسنا سيعقد اجتماعا في موسكو مع الأسد غير صحيحة”.
وكانت صحيفة “ديلي صباح” التركية المؤيدة للحكومة نقلت عن مصدر أن الاجتماع الأول بين الرئيس التركي و بشار الأسد قد يعقد في موسكو في آب/ أغسطس، حيث يقوم فلاديمير بوتين بدور الوسيط في المفاوضات، ومن الممكن إرسال دعوة إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وسيكون الموضوع الرئيسي للاجتماع هو التجارة المتبادلة.
أما صحيفة “حريت” فقد نقلت عن “مصادر مطلعة” أن اجتماعا بين أردوغان والأسد قد يعقد خلال الشهرين أو الثلاثة الأشهر المقبلة في دولة ثالثة، دون ذكر أية تفاصيل إضافية.
وفي تعليقه على ذلك قال الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة في بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة “روبرت وود”، إن واشنطن “لن تطبع العلاقات مع الأسد أو ترفع العقوبات عنه في غياب حل سياسي حقيقي ودائم.
وأضاف أن العقوبات الأميركية تشكّل أداة مهمة للضغط من أجل محاسبة سلطة الأسد، مؤكدا أن العملية السياسية متعثرة بسبب عرقلة روسيا وسلطة الأسد.
وأكد بريجع أن للولايات المتحدة في سوريا بعض الملفات؛ ولكن “هناك أيضا تفاهمات أو أدوار معينة فإذا تحدثنا عن المفاوضات بين تركيا وسلطة الأسد فقد كانت هناك مبادرة روسية ومبادرة من رئيس الوزراء العراقي الذي يحاول أن يكون له دور لبغداد التي لها مصالح مع تركيا تتعلق بالمياه وأيضا ملف اللاجئين وملف تنظيم الدولة”.
وأضاف أن بغداد تحاول أن يكون لها دور، لكن موسكو رفضت ذلك، حيث تريد أن يكون لها الدور الأهم في الدبلوماسية عبر التوسط لإيجاد الحلول الدبلوماسية بين تركيا والأسد”.
و نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن مصدرها أن الأطراف “لم تبحث بعد مكان وموعد عقد القمة” لكنه أعرب عن “تطورات إيجابية متسارعة لتسوية الملفات الخلافية”، متوقعاً أن القمة “سوف تعقد قبل نهاية العام الحالي”.
وكان الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قد تجاهل التعليق على أنباء تناقلتها وسائل إعلام تركية حول ترتيب اللقاء، لكنه قال للصحافيين أمس، إن روسيا “تواصل تهيئة الظروف لإطلاق الاتصالات بين الجانبين”.
ورأى أنه “بما أن واشنطن لا تدعم جهود تركيا لتطبيع العلاقات مع سلطة الأسد، فمن الواضح أنه في الظروف التي تتحدث فيها أنقرة عن وجود إرادة سياسية للتطبيع، تحاول الولايات المتحدة التدخل في هذه العملية، لكن الجليد بين الطرفين قد انكسر بالفعل”.
في المقابل، قال دبلوماسي روسي شارك في جولات لدفع مسار التطبيع إن “الحديث لا يدور عن تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة”، ورأى أن الطرفين ليسا مستعدين لتطبيع العلاقات، لكن الحديث يدور “عن حاجة ملحة وضرورية للغاية لبدء الاتصالات لتسوية قضايا مهمة جداً للطرفين”.
ولا يستبعد الباحث الروسي أن تعود العلاقات في الأشهر القادمة رغم أن هناك اختلافات في وجهات النظر، حيث تطلب سلطة الأسد خروج القوات التركية من شمال الاراضي السورية ومنطقة ادلب وغيرها، وأيضا تريد روسيا السيطرة الكاملة على الأراضي من قبل السلطة.
“قرارات الأمم المتحدة” تحدد وضع المعارضة ومناطق سيطرتها
أثار تصريح وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” حول مناقشة وضع المعارضة السورية ومصير المناطق التي تسيطر عليها وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، الكثير من الأسئلة.
ويقول بريجع إن المفاوضات لا تتمحور حول شمال شرق سوريا، بل تتحدث عن إدلب و ريف حلب، فهذه المناطق تريد روسيا أن تكون تحت سيطرة سلطة الأسد كما كانت في السابق.
وربما تريد موسكو أن تجري المفاوضات بين الطرفين، بناء على طريقة التسوية التي حصلت في عدة مناطق.
لكن تركيا في المقابل، تريد ضمانات أمنية بما يخص قوات قسد في سوريا، والتي تهدد أمن الأراضي التركية، وفقا لبريجع الذي يعتقد أنه ليس من السهل التوصل السريع لستعادة العلاقات بين الجانبين، حيث “يحتاج هذا لوقت معين للنضوج”.
وتبحث الأطراف – بحسب الباحث الروسي – عن حل “لمشكلة إدلب”، وحل “المشكلة السياسية في سوريا”، فروسيا “تريد حلا وإصلاحات سياسية” وربما هذا سبب إصدار مرسوم رئاسي يقتضي بأن لا يمثل حزب البعث وجه النظام السياسي في سوريا، وأن يبتعد عن مؤسسات الدولة.
ويرى الأخير أن ذلك ربما يشي بما تعتبره روسيا “مشروع الإصلاح” الذي يمكن أن يكون لها دور كبير فيه.
يذكر أن سلطة الأسد أكدت على موقفها الذي يطالب تركيا بسحب قواتها من سوريا، ووقف دعمها للمعارضة، لكن مصادر تركية اعتبرت أن ذلك غير ممكن في الوقت الحالي.