حلب اليوم – خاص
شهدت مدينة جرمانا بريف دمشق، مطلع الشهر الجاري، تطوراً مثيراً بعد أن أفرجت الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأسد عن تاجر المخدرات الشهير “وعد.غ”، بعد مضي ثلاثة أيام على اعتقاله داخل المدينة بناءً على مذكرات اعتقال متعددة بحقه. وقد لقيت عملية اعتقاله حينها ترحيباً واسعاً من قبل الشارع المدني، لكن ذلك لم يمنع بعض المقربين من دائرته من اختطاف ضابط برتبة مقدم من سلطة الأسد كمقايضة للإفراج عنه.
ورغم تصريح الجهات الأمنية في دمشق بأنها لن تحرر الضابط المختطف، فإن مساعي وجهاء محافظة السويداء أثمرت عن تحريره، لتقوم سلطة الأسد بالإفراج عن “وعد” بعد أيام، بزعم أنه كان خاضعاً لتسوية في منتصف يونيو/حزيران الفائت، على الرغم من وجود ادعاءات بحقه تتعلق بجرائم وجنايات مختلفة.
ويُعتبر “وعد” وفقاً لمراسلة حلب اليوم، أحد أكبر تجار المخدرات جنوبي سوريا، ولديه العديد من مذكرات البحث والقضايا الجنائية مثل الخطف وسرقة السيارات.
استخدام العصابات كأدوات ضغط
الصحفي عمر الصحناوي يقول لحلب اليوم إن سلطة الأسد أفرجت خلال السنوات الماضية عن العديد من المطلوبين بقضايا جنائية مثل الخطف والسرقة وتجارة المخدرات، بعد إجراء تسويات لهم ومنحهم بطاقات أمنية تتيح لهم التنقل بين المحافظات.
وأوضح الصحناوي أن “وعد” ليس الأول والأخير، ففي مطلع العام الماضي احتجزت الأجهزة الأمنية في مدينة اللاذقية زعيم إحدى أكبر العصابات التي تمتهن الخطف والسرقة، وهو “م.م”، وسرعان ما أُفْرِج عنه بعد إرسال برقية من فرع الأمن العسكري في السويداء للإفراج عنه.
وتابع: المدعو “م” يتجول اليوم في باقي المحافظات بسيارة غير مرخصة، ويحمل أسلحة بدون ترخيص بكل سهولة، وهذا ما يؤكد أن سلطة الأسد تستخدم هؤلاء الأشخاص كأذرع لها في المحافظة بهدف نشر الفوضى وامتهان الخطف وتنفيذ أعمال الاغتيالات، كما حصل مع الشاب “جلال مقلد” الذي صُفِّي مؤخراً بظروف غامضة في منطقة ظهر الجبل بريف السويداء بهدف السرقة.
تلاعب بالقوانين
بدوره، علّق الناشط الحقوقي من مدينة السويداء، يوسف الجاسم، على حادثة الإفراج عن “وعد”، قائلاً: “الحادثة تعكس الفوضى المستشرية في النظام القضائي والأمني في مؤسسات سلطة الأسد، إذ أكد أن الإفراج عن شخص متهم بقضايا جنائية خطيرة مثل الخطف وتجارة المخدرات بعد تسوية أمنية هو مثال صارخ على تلاعب سلطة الأسد بالقوانين والمبادئ القانونية.”
وأضاف الجاسم: “ما يزيد تعقيد الوضع هو تزامن هذا الإفراج مع تصاعد نشاط العصابات المسلحة في السويداء، إذ بات واضحاً للجميع أن سلطة الأسد تعمد إلى استخدام هذه العصابات كأدوات للضغط على أهالي السويداء ولضمان السيطرة على المناطق التي تشهد احتجاجات ضده.”
وأكد أن هذه القضية من شأنها أن تخلق بيئة خصبة للفوضى والعنف، وتزيد معاناة المواطنين العاديين الذين يعانون نقص الأمان.
تسريبات حول التعاون مع الميليشيات الإيرانية
وفي عام 2022، اقتحمت الفصائل المحلية، وعلى رأسها حركة رجال الكرامة، مقر “ر.ف”، الذي يُعد من أكبر تجار المخدرات في محافظة السويداء، وتم العثور على العديد من الأوراق التي تثبت تعامله مع الأمن العسكري والميليشيات الإيرانية، مما جعل من هذه الحادثة دليلاً على أن جميع تجار المخدرات على علاقة وطيدة مع سلطة الأسد وميليشيات إيران.
ويرى ناشطون أن الميليشيات الإيرانية وحزب الله في السويداء، وعلى رأسها الأمن العسكري التابع لسلطة الأسد، تهدف إلى فرض سيطرتها على المحافظة، مؤكدين أن إيران عززت وجودها داخل المجتمع في الجنوب السوري عبر توظيف شبكات وعصابات تابعة لها على نحو مباشر، تديرها على الأرض لتحقيق مصالحها، مثل تهريب المخدرات إلى الدول المجاورة.
وشهدت محافظة السويداء العديد من حالات احتجاز الضباط التابعين لسلطة الأسد ردّاً على حملة الاعتقالات التعسفية التي يقوم بها الأخير، لا سيما مع انطلاق حراك السويداء السلمي في شهر آب من العام الماضي. إلا أن الأهالي يؤكدون في كل مرة أن احتجاز الضباط يكون رداً على الاعتقالات التعسفية بحق معارضي سلطة الأسد، وليس ضد الاعتقالات المتعلقة بالقضايا الجنائية.