د. ياسر العيتي باحث وسياسي سوري معارض
الشمال السوري لا يحتاج إلى مبادرات جديدة نحن بحاجة إلى الذهاب مباشرة إلى تشكيل (هيئة عامة) تمثل مطالب الناس في الشمال السوري.
هيئة عامة من حوالي مئة شخصية من كل المناطق تحظى بقبول 60-70% من أهل الشمال، تفرز فريقاً تنفيذياً صغيراً كفؤاً متفرغاً، تكون مهمته تحويل مطالب الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في الأول من تموز إلى ملفات مدروسة سياسياً وقانونياً، من قبل لجان مختصة ويطالب الحكومة المؤقتة والائتلاف بالتجاوب معها
وبناء على تعاطي الحكومة والائتلاف مع هذه الملفات يتم القبول بالأشخاص القائمين عليها أو المطالبة باستقالتهم واستبدالهم بمن يمثل مصالح الشعب ويعرف كيف يدافع عنها.
هذه الهيئة لن تدعي تمثيل الناس (لأن التمثيل الحقيقي لا يتم إلا بالانتخابات)، وإنما تمثيل مطالبهم والفريق التنفيذي واللجان المنبثقة عنها لن تذهب إلى الجهات المعنية بتنفيذ هذه المطالب إلا بعد أن تتواصل مع الكيانات والشخصيات المعتبرة التي تمثل إرادة الناس والتأكد من أن هذه مطالبهم الحقيقية.
تشكيل الهيئة العامة والفريق التنفيذي واللجان المنبثقة عنها وإعداد الملفات وخطة التحرك كل ذلك يجب أن يسبق الإعلان عن الهيئة، بحيث تنطلق في عملها في اليوم التالي للإعلان بخلاف التجارب السابقة حيث كانت تعقد (المؤتمرات الشعبية) وتشكل (مجالس قيادة الثورة) من دون أن ينتج عنها جسم تنفيذي قادر على الفعل السياسي.
هذه الهيئة والفريق التنفيذي المنبثق عنها سيقل فيها احتمال التنازع على المقاعد والمناصب لأنها ليست مكاناً للتصدر والتزعم وإنما لحمل مطالب الناس والمجاهدة لتحقيقها والمخاطرة بالنفس في سبيل ذلك وسيدفع الفاعلون فيها نفقاتهم من جيوبهم أو من جيوب من يثقون بهم من أهل الفضل.
لن تطالب هذه الهيئة الناس بالخروج إلى الشوارع وتأييدها بمجرد تشكيلها، لأن الناس لم تعد تثق بأحد وحق لهم ذلك، لكن إن أثبتت كفاءتها سياسياً وإعلامياً سيخرج الناس بعشرات الألوف ويعلنون أنها تمثلهم من تلقاء أنفسهم دون أن يُطلب منهم ذلك وهكذا تولد قيادة للثورة وللشمال السوري طال انتظارها.
هذا أفضل من الاكتفاء بالمناداة بإسقاط الحكومة والائتلاف لأن هذه المؤسسات ملك للثورة وليست للقائمين عليها حالياً، والمشكلة ليست بوجود الحكومة والائتلاف وإنما بسوء أداء القائمين عليها وتبعيتهم والتصاقهم بالكراسي رغم الرفض الشعبي لهم، والهيئة أعلاه ستؤدي إلى تقويم سلوكهم أو استبدالهم بعد تأمين التأييد الشعبي الكافي وصناعة البديل (الفريق التنفيذي واللجان المختصة المنبثقة عن الهيئة) الذي يلتف الناس حوله لأنهم يثقون بكفاءته وإخلاصه.
هذا المشروع ليس مستحيلاً لكن تحقيقه يحتاج إلى جهود كبيرة تصغر أمام تضحيات هذه الشعب في سبيل حريته وكرامته.