أعادت حادثة مقتل فتى من محافظة السويداء على الحدود مع الأردن، منذ أيام، تسليط الضوء على ملف المخدرات ونشاط سلطة الأسد والميليشيات المرتبطة بها في التصنيع والتهريب ضمن المنطقة الواقعة جنوبي البلاد.
وكانت القوات الجوية الأردنية قد ضربت عدة مواقع في المحافظة، وذكرت مصادر إعلامية شبه رسمية أن تلك المواقع مرتبطة بنشاط تهريب الكبتاغون، حيث أودت الغارات بضحايا من المدنيين.
ولا تزال جثة الفتى لدى القوات الأردنية، بحسب ما ذكرته مصادر محلية، حيث ينتظر ذووه استلامها بعد استكمال الإجراءات، في حادثة ليست الأولى من نوعها.
مصدر مقرب من الفصائل المحلية بالسويداء فضل عدم الكشف عن اسمه، قال لحلب اليوم، إن هذه الحادثة ليست حالة فردية بل توجد مشاركة واسعة من بعض أهالي المنطقة في التهريب، إلا أن الملف بيد حزب الله وسلطة الأسد بشكل أساسي.
تعمل في التهريب – حسب المصدر – جماعات من القاطنين على الحدود مع الأردن، بالإضافة لبعض أبناء العشائر من مناطق عدة مثل الشعاب و أم الشامة و شهبا و هناك أيضا سبع قرى بالشمال الشرقي من المحافظة، يشارك عدد من أفرادها في المحاولات المستمرة لإدخال المخدرات نحو الأردن.
وفيما تحاول السلطات في عمان بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية، إقناع سلطة الأسد بالتخلي عن سياسة إغراق البلد بتلك المواد، فإنها تحذّر أيضا دول الخليج العربي من استهدافها بتلك الآفة، حيث يتم استخدام الأردن كمنطقة عبور.
وكان ملف الكبتاغون والميليشيات المرتبطة بإيران من البنود الأساسية في مساعي التطبيع العربي مع سلطة الأسد، لكنها لم تحرز أي تقدم في هذا الشأن، رغم إصدارها البيانات حول ضبط واعتقال عصابات محلية.
لم يقتصر الأمر على التصنيع والتهريب، بل تعمل تلك المجموعات على تجنيد عدد كبير من الشباب والرجال من أبناء المحافظة، مستغلين ارتفاع معدلات الفقر وقلة فرص العمل، كما تم تجنيد بعض المهجرين النازحين من شمال شرقي سوريا.
وبعد مقتل مرعي الرمثان (أحد كبار المهربين المرتبطين بحزب الله) بغارة جوية أردنية، استلم بعض الأشخاص من عشيرة الغياث ملف التهريب لفترة طويلة.
أين تقع مصانع الكبتاغون؟
توكد تقارير متقاطعة انتشار عدد هائل من تلك المصانع في القوس الممتد من الحدود اللبنانية السورية حتى الحدود السورية الأردنية، حيث تنتشر بشكل خاص في القصير وريف حمص الغربي، وريف دمشق الغربي، وأيضا ريفي درعا والسويداء.
وحول خريطة انتشار مصانع الكبتاغون بالمنطقة، أكد المصدر أنه لا تتوافر معلومات أكيدة بشكل نهائي، حيث تنتشر الورش في عدة مناطق، إلا أن المعلومات شبه المؤكدة تتحدث عن معمل أساسي في قرية من قرى اللجاة اسمها دامر.
وتسيطر ميليشيا حزب الله على تلك القرية الجبلية منذ سنوات، كما انها تمنع أي شخص من الاقتراب منا مهما كان الوضع، مما يحول دون معرفة أية تفاصيل عنها.
ما موقف الفصائل المحلية؟
تحاول الفصائل المحلية في المحافظة سد الفراغ الأمني الناجم عن حالة فراغ السلطة، حيث يقتصر وجود قوات الأسد على المربع الأمني بمدينة السويداء، وبعض القطع العسكرية في ريفها.
وتحاول السلطة إغراق المنطقة بالفوضى، بسبب رفضها لسيطرة قوات الأسد، والاحتجاجات المستمرة ضدها، لكن وجود تلك الفصائل ساهم نوعا مع في ضبط الأوضاع إلى حد معين.
وفي ملف المخدرات، تبرز التساؤلات حول موقف الفصائل المحلية في المنطقة، فهي تنقسم إلى أقسام، وفقا لما يؤكده المصدر؛ منها من تسمى “عصابات أمنية” وهي التي تروج لصنع وتهريب وتعاطي المخدرات، وهي الداعمة والميسرة، وهناك معلومات شبه مؤكدة عن ترفيقها لشحنات الكبتاغون على طريق دمشق – السويداء.
كما ذكر المصدر أن هناك فصائل كبيرة متهمة بأنها تمارس الاتجار بالمخدرات من تحت الطاولة رغم إعلانها أنها تحاربها، لكن تلك الاتهامات لا يتوفر لها دليل قاطع، كما أن هناك من الفصائل من لم يتدخل في الملف بشكل نهائي، لكنها تحاول اعتقال المروجين و المتعاطين.
ويستمر أبناء السويداء في التظاهر السلمي ضد سلطة الأسد، مؤكدين أن الحل السياسي الشامل وانتقال السلطة، هو السبيل الوحيد لإنهاء مشاكل البلاد.