ياسر العلاوي
سقطت طائرة إبراهيم رئيسي وقتل ومن معه على حدود إيران مع أذربيجان، وأصبح لزاماً على محور المقاومة تعزية المرشد الإيراني بمقتل الشخصيات الإيرانية الرئيسية، لكن تعزية بشار الأسد جاءت في البداية فاترة إذا قورنت بتعزيته بشخصيات إيرانية سابقة مثل قاسم سليماني.
وكالة إيرنا الرسمية قالت إن بشار الأسد اتصل هاتفياً بالرئيس الإيراني المؤقت محمد مخبر، مقدماً تعازيه بمقتل رئيسي ومن معه ومشدداً على عدم تغيير سلطة الأسد نهجها في العلاقات مع إيران، وفي الوقت نفسه أبلغ مخبر أنه لن يكون حاضراً في مراسل التشييع والدفن وأنه “سيزور إيران للتعزية في أقرب وقت ممكن”.
أرسل بشار الأسد رئيس حكومته حسين عرنوس ومستشاره الأمني علي مملوك ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر خليل، لحضور مراسم دفن الرئيس الإيراني ومن معه.
رئيس تحرير موقع الشرق نيوز فراس العلاوي قال لموقع حلب اليوم “إن بشار الأسد أرسل وفداً جيد التمثيل، علي مملوك هو الشخصية الأمنية الأولى في سوريا، وحسين عرنوس هو أرفع مسؤول إداري سوري، ومحمد سامر خليل واجهة نظام الأسد الاقتصادية”.
فيما ذهب الباحث بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي إلى أن “طابع الوفد الأمني حمل رسائل أمنية من سلطة الأسد إلى طهران، الغاية منها بقاء التواصل بين المؤسسات الأمنية الإيرانية والسورية” وأضاف النعيمي “ربما هذه الزيارة إضافة للتعزية كانت تمهد لزيارة بشار الأسد لتعزية خامنئي بشكل مباشر، من خلال التواصل واستطلاع المناخ العام لطبيعة وخطة رئيس النظام في تحركاته في طهران”.
التمهيد للزيارة من قبل وفد منوع بين الأمني والإداري يدفعنا للسؤال حول تعامل بشار الأسد الحذر مع إيران في الآونة الأخيرة، وهذا ما فسّره رئيس المكتب السياسي في حركة العمل الوطني من أجل سورية محمد ياسين النجار بتخوف رئيس سلطة الأسد من تاريخ إيران في التخلي عن حلفائها وقال النجار لموقع حلب اليوم “إن حجم تغلغل إيران داخل نظام الأسد ليس بسيطاً، فهو متواجد داخل الجيش والمخابرات وكافة مرافق الدولة بالإضافة الى منظمات المجتمع المدني والعشائر”. وأضاف “بشار يعلم تماماً أن ما حصل سابقا في اليمن عندما تخلص الحوثيون من علي عبد الله صالح قابل التكرار معه، فرغم دهاء صالح وخدماته لهم تخلصوا منه، مع كل ذلك بشار يكرر ما فعله والده عندما تحالف مع الخميني ضد العرب، فهو لا يثق بالعرب وهم لا يثقون به وتصريحاته السابقة تجاههم معروفة للجميع”.
في ظل عدم الثقة بين الأسد ومحيطه، يرى العلاوي أن زيارة بشار الأسد لإيران لم تكن فقط من أجل التعزية بمقتل رئيسي بل لها أسباب متعددة، وبيّن العلاوي أسباب الزيارة بأنها “لشرح ما دار في قمة المنامة وما دار خلالها من أطروحات ونقاشات، إضافة إلى استفسار بشار الأسد عن وضع الملفات بين سوريا وإيران التي كان يديرها رئيسي وعبد اللهيان ومَن سيكمل العمل بها، وهل سيتم تجميدها حتى انتخاب رئيس جديد لإيران؟”
أما الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي أصر على وجود حالة من التخبط في مركز صنع القرار في طهران، وشدد على عدم الثقة بين إيران وسلطة الأسد مؤكداً على أن “رئيس النظام السوري زار العاصمة طهران لكن دون إعلان والسبب الرئيسي في ذلك أن هنالك حالة من عدم الثقة ما بين الجانبين”. واستطرد النعيمي “بنفس الوقت يريد بشار الأسد استكمال المشروع السابق وتحديد الأهداف المرجوّة من التموضع الإيراني في سوريا”.
بينما يرى النجار أن هناك تقاطع مصالح بين قضية التطبيع العربي ورغبة إيران بهدوء الجبهة السورية مع إسرائيل، فوصول إيران إلى المتوسط هدف استراتيجي لن تتخلى عنه بسهولة، كما أن تحالف بشار مع إيران مستمر خلال الفترة القادمة رغم كل محاولات التطبيع العربية وتقريبه منهم وأكد على أن “الأسد يريد فك عزلته وإعادة تأهيل نظامه بلا مقابل، هو جاهز لتخفيف المظاهر الإيرانية الفاقعة بعيداً عن إضعاف تأثيرهم وفاعليتهم، ما يقوم به هو إحداث شيء من التوازن في سوريا”.
أما عن التكتم على تحركات بشار الأسد الداخلية والخارجية، فيرى فراس العلاوي أن السبب هو أمني بحت ويخضع لتقييمات تشارك فيها روسيا وإيران إضافة للدائرة الأمنية الضيقة حوله، وينسجم ما يراه العلاوي مع تفسير النعيمي لحذر رئيس سلطة الأسد في تحركاته حتى في دمشق، فيما بيّن النجار أن “اعتماد نظام الأسد خلال هذه المرحلة على المنظومة الأمنية التي تدير كافة تحركاته، والكتمان أهم ركيزة فيه، هو يخشى من أي خيانة تتم على نظامه سواء كانت داخلية أو خارجية”.
ويحاول بشار الأسد التوفيق بين الوجود الإيراني على الأرض السورية والمطالب العربية بتقليص الدور الإيراني فيها، إضافة إلى الاستمرار بحربه وتقسيم سوريا وتهجير ملايين السوريين داخل وخارج البلاد، كما تسبب في زيادة نفوذ القوى الدولية (روسيا والولايات المتحدة) داخل سوريا، ودخول قوات عسكرية إقليمية (تركيا وإيران) بشكل فعلي إليها، كما أن سياسات الأسد جعلت من سوريا ملاذاً للتنظيمات والميليشيات الطائفية مثل تنظيم الدولة والفصائل الطائفية العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية الموالية لإيران.