حمزة فهيد
استهدفت إسرائيل فجر الجمعة 19 آذار 2024 معسكرين في ريف درعا الشرقي تستخدمهما المليشيات الإيرانية كمقرات عسكرية لها،
وهذا ما فرضه الموقع الجيوسياسي الهام لمحافظة درعا جنوبي سوريا الواقع على الحدود مع الأردن والجولان المحتل وفلسطين في تبعات التوتر الإقليمي الحاصل بين إيران و إسرائيل، مما جعل المحافظة عرضة للتهديدات بسبب الانتشار الكبير للمليشيات الإيرانية و وكلائها في المحافظة و تحديداً المناطق القريبة من الحدود مع الجولان المحتل والتي تستطيع من خلالها هذه المليشيات قصف بعض المناطق داخل الجولان ، السكان في محافظة درعا أكدوا على مخاوفهم من زج المنطقة في الصراع الإيراني الإسرائيلي.
درعا والتهديدات
قال المحلل العسكري والضابط المنشق أسعد عوض الزعبي، إن ما يحصل بين إيران وإسرائيل سوف يؤثر عسكريا وسياسيا على محافظة درعا وسوريا بشكل عام كما يؤثر على جنوب لبنان والأردن.
وأوضح الزعبي في حديثه مع حلب اليوم، أن التهديدات بين الطرفين قد تؤدي إلى تغيرات في المنطقة وهو ما تسعى إليه أميركا من خلال الحشود التي استقدمتها إلى الشرق الأوسط منذ السابع من تشرين الثاني الماضي مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ورجح الزعبي أن هناك شيئاً ما يتم ترتيبه للمنطقة بشكل كامل، مشيرا إلى أن التهديدات بين إيران وإسرائيل ستكون السبب وراء هذا التغيير، متوقعاً أن تستمر إسرائيل في استهداف وكلاء إيران في المنطقة.
ويستبعد الزعبي أن تتجنب محافظة درعا تبعات التهديدات الحاصلة بين إيران وإسرائيل، منوها إلى أنه لا يمكن تحديد حجم هذه التبعات.
وعن العلاقة بين إسرائيل وإيران، بيّن الزعبي أن إسرائيل أعلنت سابقا أنها لا تريد إيران قوية في سوريا، ولا تريد إخراجها بشكل كامل، بسبب ما تقدمه من خدمات من خلال وجودها في الجنوب السوري وسوريا عموما، ولكنها بالمقابل تريد أن تبقي إيران تحت أنظارها وسيطرتها.
أما فيما يتعلق بدعم المعارضة السورية في درعا، فيميل الزعبي إلى إمكانية دعم المعارضة السورية من قبل بعض الدول من أجل منع تغلل إيران، ولكنه يرجح أن يكون الدعم غير معلن، حفاظا على علاقة هذه الدول مع إيران ومنع حصول أي تصعيد.
ووافقه الرأي العميد المنشق ونائب رئيس المجلس السوري للتغيير منير الحريري مؤكداً أن هناك تهديدات على محافظة درعا بسبب وجود مواقع كثيرة للإيرانيين فيها وبالقرب من الجولان المحتل.وتابع قائلاً إن إيران لا تشكّل أي تهديد لإسرائيل في درعا أو الجنوب السوري ككل لأن الحشود الإيرانية وميليشياتها ليست للتصدي لإسرائيل أو محاربتها، إنما لمحاربة الشعب السوري وقتله وزعزعة استقرار دول الجوار خاصة الأردن.
الواقع الأمني في درعا
تأتي هذه الأحداث في وقت تعاني فيه محافظة درعا من انعدام الاستقرار الأمني نتيجة ممارسات سلطة الأسد من خلال افتعال الفتن والمؤامرات واللعب بورقة الاغتيالات وشق صف المجتمع والروابط العشائرية في المنطقة ككل، بحسب الحريري، الذي نوّه إلى دور الميليشيات الإيرانية في اختراق صفوف شباب المنطقة واللعب بنفوسهم من خلال المال وشبكات المخدرات وغير ذلك.
حالة عدم الاستقرار انعكست سلبا على حياة المدنيين في المحافظة، حيث عمّ الرعب والقلق بين الأهالي، فتجدهم يأوون إلى منازلهم مع غياب الشمس فيما تغلق المحال التجارية أبوابها خوفاً من حالات السطو المسلح والقتل والخطف.
وعن أبرز السيناريوهات المطروحة لمصير الجنوب السوري، يرى الحريري أن تكون المنطقة خالية من الإيرانيين وأن يبتعدوا مسافة 70كم عن الحدود الأردنية والفلسطينية.
وفي ختام حديثه مع حلب اليوم قال الحريري إن استراتيجية إسرائيل هي ضرب كل الأهداف التي تجد أنها تؤثر عليها، إذ تغض النظر عن الأسلحة التقليدية الخلبية التي أكل وشرب الدهر عليها.
روسيا والوجود الإيراني في الجنوب السوري
يرى المحلل السياسي الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي أنه بعد استهداف الداخل الإسرائيلي بعملية إيرانية، فإن قواعد الاشتباك لم تعد محلية وإنما أصبحت دولية.
وبيّن النعيمي في حديثه مع حلب اليوم خصوصية استخدام الجغرافيا السورية وأن ردود فعل إسرائيل ستبدأ بإطلاق قذائف صاروخية من المنطقة المحاذية للجولان وباتجاه محافظة القنيطرة حسب توقعاته.
ولا يستبعد النعيمي أن يتسع نطاق هذه الاستهدافات بناء على رصد تحركات الميليشيات الإيرانية أو العاملة ضمن صفوف ومحور إيران في المنطقة الجنوبية، مؤكدا أنه وبسبب هذه العمليات ستبقى المنطقة الجنوبية عرضة للكثير من الهجمات التي يدفع ثمنها السوريون وتحسب مكاسبها لإيران فقط.
وأوضح المحلل السياسي للاستراتيجية الإيرانية في الجنوب السوري التي تتمثل في إنشاء مصدات عسكرية وأمنية متقدمة في المنطقة عموما ومحافظتي درعا والقنيطرة خصوصا.
وأضاف أن كل ما سبق سيحرج روسيا بشكل كبير وسيؤدي أيضا إلى غض طرفها عن الضربات الإسرائيلية وربما يضطر الجانب الروسي في المرحلة القادمة إلى استثمار ذلك في كبح جماح إيران في المنطقة الجنوبية عموما.
فيما يستبعد النعيمي أي تحرك من الجانب الإيراني هذه المرحلة بالتحديد نظرا لحساسيتها فيما ما زال محور إيران ينتظر الرد الاسرائيلي على تلك المنطقة.
وعن التمدد الايراني في المنطقة الجنوبية لاسيما عبر محورها والمتعدد الجنسيات يؤكد النعيمي أنه مستمر وعلى قدم وساق، على الرغم من محاولات روسيا منع هذا التقدم لكنها غير جادة أو حقيقية في ذلك.
ويرى النعيمي أن روسيا تحاول إبقاء المنطقة رهينة لتلك المخاوف إضافة إلى استثمار المصد العسكري الإيراني كما وصفه من أجل الضغط على الجانب الإسرائيلي، لتوظيفه في الملفات التفاوضية لا سيما في الملف النووي العالق حتى هذه اللحظة كذل ملفات أخرى منها المسيرات والصواريخ البالستية.
ويرجح النعيمي أن هناك تصعيداً قادما وبمساحات أوسع من حيث النقاط المستهدفة براً أو جواً مستنداً في ذلك على التصريحات الإسرائيلية، وعملها لتحديد بنكٍ من الأهداف في سوريا، وهنا أشار المحلل السياسي الباحث في الشأن الإيراني إلى المجتمع الدولي الذي يسعى إلى عدم توسيع نطاق المناوشات الحاصلة خاصة بعد مقتل أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان محمد زاهدي.
وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول توجيه بعض الرسائل التطمينية للجانب الإيراني بأنها لن تشارك في تلك الاستهدافات بالعموم، لكن كل ما سبق يؤكد أن الحديث عن تحالف عسكري حقيقي وليس صوري كما يجري بين سلطة الأسد وإيران أو سلطة الأسد وروسيا، وأن التحالفات التي تجري مع الولايات المتحدة بشكل عام هي الأقوى في العالم مقارنة بفارق القوة التي تمتلكها الولايات المتحدة من حيث القدرة على التحرك ومن حيث القدرة على الانتشار في مناطق متعددة وحتى في البحار.