تحولت أكوام القمامة في مدينة حلب شمال سوريا، إلى مصدر دخل للكثير من السكان، بمن فيهم اﻷطفال، حيث تسيطر شبكات من السماسرة والمتنفذين على هذا المجال.
وبحسب صحيفة الوطن الموالية لسلطة اﻷسد، فقد قدّر متعاملون في هذا المجال، عدد العاملين بفئاتهم العمرية المختلفة، بنحو 3 آلاف “نباش”، متوسط دخل الواحد منهم يومياً نحو 75 ألف ليرة (4.5$)، أي 225 مليوناً (135$) شهرياً وبما يزيد على 82 ملياراً (1650$) سنوياً.
ويتحكم بهذا المجال متنفذون وسماسرة ومعتمدون لدى الورش والمصانع التي تعيد تدوير النفايات، بالمناطق والأحياء المستهدفة، وخصوصاً في الشطر الغربي من حلب، حيث أن الحالة المادية لسكانه أفضل من باقي اﻷماكن.
وينشط النباشون في حلب على مدار الساعة، “من دون تدخل مجلس المدينة أبداً”، رغم أن ذلك “ينشر قاذورات الحاويات في الشوارع”، حيث “غدت ظاهرة مؤرقة للسكان” بحسب الصحيفة.
ومع ارتفاع معدلات الفقر ينضم المزيد من السكان إلى فرق النباشين، حيث يتوجهون إلى أكوام القمامة ليلاً “للتخفي عن أعين قاطني الأحياء، ومنهم من يتدثر بأغطية على الرأس لإخفاء وجوههم، ويتسابقون إلى ضفاف الحاويات باكراً قبل قدوم سيارات جمع القمامة”.
وتباع المحتويات بعد جمعها من القمامة للسماسرة، الذين يحددون سعر المبيعات ويخصصون مستودعات كبيرة خاصة بها.
وتعتبر مدينة حلب من بين أكثر المدن إنتاجاً للمخلفات القابلة ﻹعادة التدوير، حيث “تعادل نحو ثلاثة أضعاف المدن المماثلة لها بعدد السكان، لكثرة مآكل ومشارب أهلها، الأمر الذي يجعل من استثمار مفرزات القمامة استثماراً مهماً”.
وتتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال، الذين يعملون في مجموعات ويربطون أكياساً ضخمة بطريقة محكمة على عرباتهم ذات العجلتين أو الثلاث عجلات، ويمكن لأصحاب الدراجات الهوائية والنارية والسوزوكيات جمع كمية أكبر من المواد الصالحة لإعادة التدوير والتي تصلح للاستخدام في كثير من الصناعات المحلية من دون اللجوء إلى استيراد المواد الأولية.
وتتزايد معاناة اﻷطفال في عموم مناطق سيطرة اﻷسد؛ حتى باتت ظاهرة الإدمان منتشرة في صفوفهم، وسط تسرب نسب كبيرة منهم من المدارس، وارتفاع معدلات الفقراء والمشردين.
ويشمل اﻹدمان المنتشر بين اﻷطفال مواد متنوعة منها الأدوية المهدئة والمنومة، والطلاء والبنزين، وتقول طبيبة الأطفال في مشفى المجتهد بدمشق هيا جندلي لموقع ”أثر برس” الموالي، في تقرير سابق، إن العديد من حالات الاختناق في صفوف الأطفال تصل إليهم تباعاً حيث تحتوي تلك المواد على نسبة كبيرة من الرصاص والذي يعتبر من المعادن السامة.
وأكدت الطبيبة أن التعرض لهذه المادة يسبب إعاقة ذهنية للطفل، ويؤثر على التطور الدماغي له حيث يؤدي إلى انخفاض نسبة الذكاء وظهور حالات تخلف عقلي، كما أن مادة الشعلة التي يشمها الأطفال تحوي مادة التولوين التي تسبب أضراراً كبيرة على الجسم، ما يؤدي إلى اضطرابات كالجهد البصري أو ضمور بصري، واعتلال الأعصاب والمخيخ، واضطرابات معرفية، وأذيات قلبية، إضافةً إلى أضرار في الرئتين والحنجرة.
ويقوم أطفال باستنشاق البنزين كبديل عن المخدرات أو الشعلة، وهو ما تشير إليه الاختصاصية بأمراض الأطفال د. هويدا أحمد، مؤكدةً أن رائحة البنزين لها تأثير مباشر على صحة الدماغ، والتعرض لاستنشاق المادة يمكن أن يحدث أضرار بالرئة، وباقي أعضاء الجسم، منها صعوبة التنفس، ألم الحلق، التهاب المريء، آلام في البطن، فقدان البصر؛ القيء وقد يصاحبه دم، دوخة وصداع شديد والتشنجات وفقدان الوعي والعديد من اﻵثار السلبية، حيث تصادف الطبيبة وحدها 3 حالات أسبوعياً لمدمني استنشاق البنزين من اﻷطفال.
يشار إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والحيشيش والحبوب المهدئة أيضاً في أوساط اﻷطفال والمراهقين، وذلك في الشوارع إضافة للمدارس والجامعات.