انتقد الكاتب والسياسي مستشار رئيس الجمهورية التركية ياسين أقطاي ظاهرة كراهية الأجانب في بلاده، مؤكداً أنها “تمنع تركيا الطموحة من تحقيق مطالبها”، في تعليق على خطاب مرشح حزب الشعب الجمهوري لمنصب عمدة ماماك في أنقرة، ولي غوندوز شاهين.
وأشار أقطاي في مقال مطول نشرته جريدة يني شفق إلى رد فعل شاهين، عندما رأى مجموعة من الأطفال العراقيين يقتربون منه باهتمام، حيث رفع صوته عليهم وتوعّد بطردهم واللاجئين من البلاد.
وأضاف ساخراً: “فجأة أصبح شاهين بطلاً على الأطفال الذين يبلغون من العمر 10 أعوام، وصرخ: أليس هؤلاء عراقيون؟ سأرسلهم إلى مسقط رأسهم، دعوا هؤلاء الأطفال يكبرون، سيكونون مشكلة كبيرة لبلدنا غداً”.
واعتبر أنه “يبيع البطولة لمن حوله دون مراعاة أنهم أطفال”، متحدثاً عن “جهله وظنه أن كل أجنبي يراه هو مهاجر غير شرعي ورؤيتهم خطراً على الوطن وعدم احترامه وقلة الحب والرحمة والكراهية تجاه الناس حتى لو كانوا أجانب”، على حد وصفه.
وانتقد أقطاي “هذه العقلية التي تطمح إلى أن تكون قائدة القرن القادم، وأن تكون عمدة إحدى المناطق المهمة في أنقرة، عاصمة تركيا”، حيث “لا تزال تحاول إرجاع البلاد إلى قرنها الأخير”، مشيراً إلى “الوحشية المنغلقة على نفسها، التي ترى كل من لا يشبهها غريباً، حتى عدواً، ولا تستطيع إخفاء مشاعر الكراهية تجاه من يختلف عنها”.
وأضاف: “سُجل في الأخبار أيضاً أن الأطفال كانوا في الواقع من التركمان، وعلى الرغم من إخباره بذلك أيضًا، إلا أن شاهين استمر في الشكوى بشكل متشدد”.
وتحدث المستشار عن تقدّم وتطور بلاده التي تجاوزت صادراتها 260 مليار دولار وعن “منتجاتها الصناعية والثقافية المقبولة في جميع أنحاء العالم”، حيث حققت تقدمًا كبيرًا مقارنة بالسنوات العشرين الماضية، و”لكي تصل الصادرات البالغة 260 مليار دولار إلى 500 مليار دولار ثم إلى 1 تريليون دولار، فإن الأمر يتطلب أن يكون الكثير من سكان البلاد أكثر تنقلاً وتسوقاً مع العالم.. ولكن هذا يعني بالمثل أن الناس من جميع أنحاء العالم لديهم علاقات أكبر مع تركيا”.
واعتبر أقطاي أن من يريد للجامعات أن تكون من بين الجامعات العالمية، فيجب عليه أيضًا زيادة عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأجانب الحاليين، أما “إذا كان الطلاب الأجانب الذين يدرسون في جامعاتنا مزعجين لأهل مدينة ما، فلا يمكن أن تتوقع أي تقدم إيجابي من جامعات هذا البلد”.
وتحتاج المدن إلى التطور بما يتماشى مع هذه الرؤية الجامعية، ويحتاج سكانها إلى أن يكونوا على دراية برؤية الأجانب وأن يكونوا ودودين.. في الواقع، عليه أولاً أن يتوقف عن النظر إلى الأجانب على أنهم “غرباء”، بحسب أقطاي.
وبالمثل – يضيف المستشار – فإن نظام الرعاية الصحية في العالم اليوم، والذي حقق تقدماً كبيراً من حيث بنيته التحتية المادية، لا يمكنه أن يحقق اختراقاً يتجاوز حاجزاً معيناً دون تصدير خدمات الرعاية الصحية إلى العالم، حيث “يقدم نظام الرعاية الصحية التركي لمواطنيه خدمة أرخص وأفضل جودة من أي مكان آخر في العالم، ولكن لم يتم التركيز على تكلفة ذلك على الإطلاق”.
ومن أجل خفض هذه التكلفة والوصول إلى مستوى يقدم خدمة أفضل لمواطنيه، يرى أقطاي أنه “لا يوجد سبيل آخر سوى التوجه إلى التصدير، أي قبول السياحة العلاجية”، لكن “للأسف، تنشأ مشاكل خطيرة في هذا الصدد، بسبب السياسيين الذين يحولون كراهية الأجانب إلى مسألة مصلحة شعبوية”.
وحذّر أقطاي من أن كراهية الأجانب “تمنع تركيا الحازمة من تحقيق مطالبها”، معتبراً أن “هذا العقل ليس معاديًا للأجانب، فهو معادٍ لتركيا، وفوق كل شيء، معادٍ لنفسه”، ووصفه بأنه “عقل غريب ومعادٍ لمصلحته، وحتى للمدينة”، مضيفاً أن الك الكراهية التي يمارسها مرشحو حزب الشعب الجمهوري باسم الشعبوية تعمل على تعطيل البيئة المطلوبة لقرن تركيا.
وختم بالقول: “ليس لدينا بيئة صديقة للمستثمرين الأجانب أو صديقة للطلاب الأجانب أو تجتذب الأشخاص الذين يرغبون في الحصول على خدمات الرعاية الصحية، ولا تزال بيئتنا وظروفنا في هذا الصدد بعيدة كل البعد عن القدرة على نقل تركيا إلى القرن الذي ندعيه”.