أكد مركز جسور للدراسات، في تقرير، أن تغيير مكان اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف إلى دولة عربية، سيكون لصالح روسيا وسلطة اﻷسد، دون تحقيق أي مكسب للمعارضة السورية.
وقال التقرير إن استبدال جنيف كمركز للاجتماعات لن يغير من سلوك سلطة اﻷسد الذي مارسته في الجولات الثمانية الماضية وفي مسارات التطبيع معها، بل إن الأمر لن يتعدى تحقيق مكسب سياسي جديد لها في إبعاد الملف السوري عن أروقة الأمم المتحدة.
وأوضح أن سلطة اﻷسد تسعى لتحويل الحل السياسي إلى ملف إقليمي بما يتيح لها الاستمرار في ابتزاز دول المنطقة، بينما يواصل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون مساعيه لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية التي عقدت آخِر جولة لها منتصف 2022.
وبالتزامن مع ذلك تستمر مساعي روسيا لإغلاق الطريق أمام جهود بيدرسون لاستكمال المباحثات في جنيف؛ ونقلها إلى مكان آخر يبعد الملف عن صيغة الحل الدولي.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر الشرق الأوسط لنادي فالداي بموسكو، إن اللجنة الدستورية لن تجتمع في جنيف باعتبار أن بلاده “لا يُمكن أن تثق بها وسيطاً محايداً لتسوية الخلافات الدولية”.
وأكد أن موسكو تأمل في أن يتم قريباً تحديد مكان جديد لاستضافة اجتماع اللجنة الدستورية، وتُفضّل عقدها في دولة عربية من دول المنطقة، بينما اقترحت سلطة اﻷسد على المبعوث الخاص أن تكون العاصمة العراقية بغداد هي مكان الانعقاد.
يأتي ذلك بعد تعثُّر الجهود لاستضافة أعمال اللجنة في عاصمة سلطنة عُمان؛ حيث تطلّعت لجنة الاتصال الوزارية العربية في اجتماعها الأول في القاهرة منتصف آب/ أغسطس 2023 إلى استئناف الجولة التاسعة في مسقط، واتفقت على تشكيل فريق اتصال على مستوى الخبراء لمتابعة ذلك والإعداد للاجتماع الثاني الذي كان من المقرر أن يكون في بغداد، وفقاً لجسور.
وأشار تقرير المركز إلى أن لجنة الاتصال وأمين عام الجامعة لم ينجحا في إقناع عُمان باستضافة اجتماعات لجنة الدستور، كما لم تعقد اللجنة اجتماعها الثاني المقرّر في بغداد خلال فترة 6 أشهر مضت من اجتماعها الأول، ولا يظهر في الأُفق ما يشير إلى إمكانية عقده قبل انعقاد دورة مجلس الجامعة رقم 161 التي من المفترض أن تقدّم فيها اللجنة تقريراً حول عملها.
في المقابل استضافت العاصمة الأردنية عمّان اجتماعاً رباعياً لوزراء داخلية الأردن والعراق ولبنان وسلطة اﻷسد في 17 شباط/ فبراير اقتصر جدول أعماله على “بحث الجهود المشتركة لمكافحة المخدرات” و”تعزيز مجالات التعاون الأمني في المنطقة”، وقد ظهر الاجتماع الرباعي في عمّان كتعويض عن فشل لجنة الاتصال الوزارية العربية بعقد اجتماعها الثاني في بغداد حتى الآن.
ويرى التقرير أن عقد اجتماع وزراء الداخلية الرباعي في عمّان قد يكون مؤشراً لاحتمال أن تطرح روسيا استئناف أعمال اللجنة في واحدة من عواصم دول المنطقة، خاصة العراق أو الأردن.
وحذّر المركز من أن سلوك سلطة اﻷسد في مسارَي التطبيع العربي والتركي -على حدّ سواء- يشير إلى أنه يريد اقتصار مشاركته على معالجة الشواغل الأمنية المشتركة فقط، وإبعاد أي حديث عن متطلبات العملية السياسية وَفْق القرار 2254 (2015).
واعتبر أنه من الواضح أيضاً أنّ سلطة اﻷسد بدأت استبعاد القضايا الإنسانية هي الأخرى عن مسارَي التطبيع، رغم أنّ بيان عمّان تضمنها، وتشمل معالجة عودة اللاجئين.
وأضاف أن تغيير مكان اجتماع اللجنة الدستورية – حال الموافقة عليه من الأمم المتحدة والمعارضة السورية – لا يبدو أنه سيغير من سلوك سلطة اﻷسد الذي مارسته طوال السنوات الماضية.
وكان رئيس وفد المعارضة في مباحثات أستانا أحمد طعمة قد أعلن أمس أن روسيا أبلغت وفد المعارضة في أستانا بشكل صريح أنها لن تذهب إلى جنيف لاستكمال محادثات لجنة الدستور السورية.