كشفت صور أقمار صناعية ملتقطة حديثاً أن قوات اﻷسد جرّفت الأرض في موقع المقبرة الجماعية بمدينة القطيفة في محافظة ريف دمشق جنوبي البلاد.
وتقع المقبرة بالقرب من مركز قيادة الفرقة الثالثة التابعة لقوات اﻷسد على بعد حوالي 45 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق، وتُظهر الصور، التي يعود تاريخها إلى بداية عام 2023، حدوث عمليات تجريف وتسوية للأرض وقلب للتربة، وفقاً لما نقلته “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا“.
وتُظهر الصور أن التغيرات حدثت نهاية صيف عام 2022 وتسارعت مع نهاية العام نفسه لتتوقف نهائياً في شهر كانون الثاني الماضي من عام 2023.
وكانت قوات اﻷسد قد أقامت جداراً خرسانياً يبلغ ارتفاعه نحو مترين حول المقبرة في عام 2019، حيث يُعتقد أن رُفات عدة آلاف من المعتقلين السياسيين الذين تم إعدامهم أو الذين قضوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز قد دُفنت هناك، وتثير الصور الحديثة للمقبرة مخاوف جدية من تسهيل سلطة اﻷسد لتدمير المقبرة الجماعية والعبث بها، ومحاولة طمس أي أدلة على جرائم التعذيب والإخفاء القسري التي حصلت خلال العقد الماضي، وفقاً للرابطة.
وقال دياب سرية، المدير التنفيذي لرابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا: إن سلطة اﻷسد “تقوم بمحو وإخفاء جرائمها بشكل منهجي ومتعمد مع تدمير الأدلة التي يمكن أن تستخدم لإثبات عمليات القتل والإخفاء القسري التي حصلت في البلاد بعد عام 2011”.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في شهر آذار من عام 2022، “تحقيقًا تعاونت فيه مع رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا حول مواقع المقبرة الجماعية المذكورة وغيرها في سوريا، ودورها بإثبات وتوثيق جرائم الحرب”، وتقول الرابطة إن الصحيفة استطاعت معها تحديد موقع مقبرتين من المتوقع أنهما تضمان آلاف الجثث لسوريين قُتلوا في مراكز الاحتجاز.
وطالب المدير التنفيذي أعضاء المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة أزمة العائلات المستمرة المتمثلة في غياب أي معلومات عن مصير أحبتهم والوقف التام للإفلات من العقاب في بلد شهد أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، بينما لم يُقدَّم أي مسؤول رفيع المستوى إلى العدالة لمحاسبته على الجرائم ضد الإنسانية، السابقة والمستمرة، حتى اﻵن.
وقال بيان الرابطة إن المحاكمات التي تجري وفق مبداً الولاية القضائية العالمية اقتصرت على “بعض المسؤولين السابقين في أجهزة الاستخبارات وعناصر الشبيحة والدفاع الوطني، بينما ما يزال عشرات الضباط المجرمين المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يشغلون مناصب عليا ويحظون بالترقيات والترفيعات”.
يُذكر أن مصير الآلاف من المعتقلين والمختفين قسرًا في سوريا لا يزال مجهولاً، مع إنكار تام ورفض من قبل سلطة اﻷسد للإفصاح عن أي معلومة تمكّن من الكشف عن مصير الضحايا وأماكن وجودهم، بالإضافة إلى إصدار شهادات وفاة لبعضهم تشمل أسباب وفاة “طبيعية” مع عدم تسليم الجثة أو الإفصاح عن مكان دفنها.