مع بدء ساعات المساء من كل ليلة، تتحول أحياء مدينة حمص وسط سوريا، إلى ما يشبه “مدينة الأشباح” بكل ما تعني الكلمة من معنى، بعد اتساع ظاهرة الخطف والسلب بقوة السلاح من قبل عصابات تربطها علاقات وثيقة مع الأفرع الأمنية من جهة وميليشيا حزب الله اللبناني من جهة أخرى.
مراسل حلب اليوم في مدينة حمص، يقول: إن رقعة عمليات الخطف وترويع الأهالي لم تعد تقتصر على الأحياء المتطرفة والمهدمة كما هو الحال بالنسبة لـ”أحياء الخالدية ووادي السايح وعشيرة والقرابيص” وغيرها الكثير من الأحياء التي هدّمت وغابت عنها الخدمات كـ”إنارة الشوارع وتحسين الطرقات”.
وأوضح أن غياب الخدمات جعل ممّن تبقى من سكانها هدفاً مشروعاً لأفراد العصابات المتناثرة هنا وهناك، لتطال المرحلة الحالية أبناء الأحياء التي أيّدت ووقفت إلى جانب سلطة الأسد في حربها على المناطق الثائرة.
ولطالما حاولت الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأسد توفير معظم الخدمات لأبناء الأحياء المؤيدة كالأرمن ووادي الذهب والزهراء من خلال تسيير دوريات حفظ النظام بالإضافة للدوريات المشتركة في شوارعها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت وفقاً لمراسلنا انتشار عصابات الخطف والسرقة بقوة السلاح ضمن تلك الأحياء الأمر الذي أثار موجة من الاستياء بين سكانها الذين اعتادوا على الحماية المطلقة على حساب باقي أبناء المدينة.
ونقل مراسلنا عن أحد سكان حي الزهراء من الطائفة العلوية قوله: إن الاتساع اللافت بتصاعد عمليات الخطف وجرائم القتل ضمن أحياء الموالين تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، تورط رؤساء المفارز ومن خلفهم الأفرع الأمنية مع أفراد ومتزعمي العصابات التي يعلم القاصي والداني مركز انطلاقهم من حي العباسية، والتي ينعم أبنائه بالحماية المطلقة من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بسلامته، أن المدعو “حسن العباس” وهو أحد أبرز قادة الميليشيات المنضوية تحت عباءة الحزب قام بتجنيد عشرات الشبان للعمل على اختطاف أبناء الأحياء الموالية (من ميسوري الحال) بالتنسيق مع المدعو شجاع العلي الذي ذاع سيطه في الآونة الأخيرة بريف حمص الغربي، والذي يقوم بالتفاوض مع ذوي المختطفين لاستلام الفدية المالية قبل أن يتم الإفراج عنهم.
وأكد ذات المصدر أن عمليات السلب بقوة السلاح وسرقة ممتلكات المارة من الأهالي تجري على مسافة قريبة من مكان تمركز المفارز والحواجز العسكرية لا سيما على طريق الـ60، وبالقرب من دوار حي باب الدريب، الأمر الذي جعل من المنطقة أشبه ما تكون بمدينة أشباح مع بدء حلول الظلام حيث يمتنع الأهالي عن الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى.
في هذا السياق، قال الشاب “عمار.ج” من سكان حي القرابيص إن غياب الخدمات عن الحي والذي تتعمده الدوائر الحكومية التابعة لسلطة الأسد ساهم بتوفير البؤرة المناسبة للصوص وقطاع الطرق، حيث سجل الشهر الجاري سلب ثلاثة سيارات محملة بالبضائع التجارية أثناء محاولة بعض أصحاب المحلات إدخال المواد اللازمة لمحلاتهم على الحي.
وعلى الرغم من تقديم عدّة شكاوى لقسم الشرطةالمسؤول عن المنطقة إلا أنه لغاية الآن لم يتم إلقاء القبض على أي من أولئك اللصوص بالتزامن مع امتناع العناصر عن تسيير الدوريات الأمنية داخل الحي وعلى أطرافه في ساعات المساء لتلبية متطلبات الأهالي بتحمل السلطات الأمنية لمسؤولياتها بحماية أرزاقهم وأراوحهم، بحسب تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن حي العباسية يعتبر مركزاً لتصنيع حبوب الكبتاغون ونقطة رئيسية لتوزيع الحشيش على مختلف أحياء مدينة حمص وباقي المحافظات السورية، وسط غياب أي تواجد بداخله للمفارز الأمنية أو الحواجز العسكرية التابعة لسلطة الأسد بسبب الدعم والحماية التي يتلقاها تجار ومروجي المخدرات من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني، وفقاً لمراسلنا.