وقد أنصفتها القوانين الغربية فاعتبرت أن كل ما يكسبه الزوج يكون مالاً مشتركاً بينهما تأخذه عند الطلاق أو الوفاة.. خاصة عند وفاة الزوج تكون قد بلغت من العمر مرحلة تضعف عن العمل غالباً.. لكن الفقه الإسلامي يعطيها فقط ثمن الميراث عند وجود أولاد.. وهو مقدار زهيد مقارنة بجهودها ووضعها.
ميراث الزوجة بين النظام الألماني والنظام الشافعي
لنفترض أن الزوج والزوجة عاشا مع بعضهما أربعين سنة.. لديهما ابن وبنت.. قبل الزواج لم يكن هناك شيء يُذكر معهما، من لحظة الزواج كان متوسط دخل الزوج الشهري (1000)$، والزوجة تعمل بمتوسط دخل شهري (1000)$.
متوسط المصروف الشهري على الأسرة والبيت (600)، متطلبات الزوجة الخاصة بها (100)
ستكون نفقة البيت والأسرة خلال الأربعين سنة هي (288.000).. ومصاريف الزوجة الخاصة (48.000).. ودخل الزوجة (480.000) وكذلك دخل الزوج..
توفي الزوج وترك وراءه ميراث (100.000)
في النظام الألماني.. الزوجة تنفق على الأسرة مساواة مع الزوج حسب دخلها، لأنهما يحملان المسؤولية الاقتصادية بشكل مشترك..
وبالتالي تكون قد أنفقت (144.000) وهو مقدار نصف النفقة التي تحتاجها الأسرة..
وتحصل على (50.000) وهو نصف ميراث زوجها في القانون الألماني (نظام الأموال المشتركة المكتسبة بعد الزواج).
في النظام الشافعي.. الزوج ملزم بالنفقة الكاملة على الأسرة وعلى متطلبات الزوجة الخاصة، والزوجة لا تطالب أن تنفق على أحد ولا على نفسها.. وبالتالي مقدار النفقة الواجبة عليها (0)
وتحصل على (12.500) وهو مقدار الثُمُن من ميراث زوجها..
ما أخذته الزوجة الألمانية من مال زوجها بشكل مباشر 50.000 ثم دفعت نصف نفقة الأسرة 144.000
ما أخذته الزوجة الشافعية من مال زوجها بشكل مباشر 60.500
(12.500 ميراث + 48.000 نفقة الزوجة) ثم لم تدفع أي شيء للنفقة.
فيكون وضع الألمانية هكذا: 50.000 – 144.000 = – 94.000
ويكون وضع السافعية هكذا: 60.500 – 0.00 = + 60.500
واقعياً.. ستتابع الزوجة الألمانية حياتها بعد زوجها ومعها (386) ألف.. أما الزوجة الشافعية فتتابع حياتها ومعها (492) ألف..
مبلغ الألمانية هو محصلة دخلها من عملها الخاص وميراثها مطروحاً منه النفقة التي دفعتها.. ومبلغ الشافعية محصلة دخلها الخاص وميراثها ونفقتها الشخصية وعدم دفعها أي نفقة.
مشاركة الزوجة الشافعية بالنفقة
إذا افترضنا أن الزوجة الشافعية شاركت بالنفقة مساوية لزوجها ودفعت نصف نفقة البيت، فإن النظام الشافعي يحتسبها ديناً في ذمة الزوج إذا اتفقا على نظام الدين (مثل الألماني يتفق الزوجان على نظام الأموال المشتركة كي تحصل على تعويض يتمثل بنصف الميراث عند الوفاة، ولو اتفقا على نظام الأموال المستقلة فإن الزوجة لا تأخذ تعويضاً على مشاركتها بالنفقة التي تعتبر تبرعاً ومساعدة، وتكون حصتها في ميراث زوجها الربع فقط)
فإذا توفي تستعيد الزوجة الشافعية المبلغ قبل تقسيم الميراث ولو أخذت كامل التركة لأنه دين.. وبالتالي نرجع فعلياً إلى حالة صفر نفقة..
في حال أنفقت على وجه التبرع والمساعدة.. فإن الزوجة الشافعية سيكون مجموع مالها الخاص وما جاءها من زوجها ثُمُن الميراث ونفقتها الشخصية خلال حياته سيكون (396.500). أما الألمانية فالمجموع عندها حسب نظام الأموال المستقلة (361.000).
النظام الشافعي ونظرته للأجيال
ملاحظة على طرف.. عند توزيع الميراث البالغ 100.000 يعطي القانون الألماني:
(50.000 للزوجة + 25.000 للابن + 25.000 للبنت)
بينما يعطي الشافعي:
(12.500 للزوجة + 58.330 للابن + 29.170 للبنت)
المقارنة تكشف أن النظام الشافعي مشدود للمستقبل، فيخصص موارد أكثر للذين سيشكلون المستقبل ويحملون مهمته.. وبالتالي يعطي الجيل الأصغر نسبة أكثر من الميراث.. النظام الألماني مشدود للماضي فيعطي الجيل الأكبر نسبة أكثر..
لكن الشافعي لا يترك الجيل الأكبر للمجهول والبؤس.. لذلك يوجب على الابن والبنت أن ينفقوا على أمهم إذا احتاجت.. فهو يقوي الجيل الأصغر اقتصادياً ثم يحملهم مسؤولية الأم والأب.. ومن أخذ من الميراث أكثر ينفق على أصله الذي أخذ أقل.. وينفق الابن على أمه ضعف البنت لأنه أخذ ضعفها في الميراث..
هكذا نشاهد أن الميراث الذي ذهب للأبناء يتسرب عند الحاجة إلى الزوجة من خلال إلزام الأبناء بالنفقة على أمهم.. بالتالي ستحصل على دخل مالي مستمر يحررها ويمنحها حياة كريمة لائقة.. ديناميكية الفقه الشافعي في ترتيب الأمور وتركيب المصالح مدهشة..
الطريف أن البنت الألمانية تأخذ 25 وتكون حصتها مساوية لأخيها، بينما تأخذ البنت الشافعية 29 رغم أن حصتها نصف حصة أخيها..
الأفضل للزوجة والبنت في الحرية الاقتصادية هنا أن تمشي على النظام الشافعي لا الألماني..