أعادت أحداث غزة وما تشهده من قصف جويّ وبري مكثّف الأذهان إلى السوريين لما تعرضوا له من تصعيد مشابه طيلة السنوات الماضية من قبل آلة سلطة الأسد العسكرية.
وفي أحدث هذه المشاهد التي استحضرت مأساة السوريين، هو استخدام إسرائيل البراميل المتفجرة في حربها التي تشنها منذ قرابة الثلاثة أشهر على الفلسطينين في مدينتي “غزة وخان يونس”، في استنساخ شبه تام لوسائل القتل التي اتبعتها سلطة الأسد في حربها على السوريين.
واشتهرت سلطة الأسد خلال سنوات الثورة السورية باستخدام البراميل المتفجرة ضد المناطق الخارجة عن سيطرتها، وتسببت بدمار كبير وحصيلة قتلى عالية في المناطق التي تستهدفها.
وتُلقى تلك البراميل التي تكون على شكل اسطوانات من طائرات هليكوبتر، وهي عشوائية وغير موجهة، وعادةً ما يتم إلقاؤها وسط التجمعات السكنية لإسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى وبث الذعر والخوف في نفوس السكان.
شاهد من غزة
شارك فلسطينيون في غزة مشاهداً لحجم الدمار الذي خلّفه القصف الجويّ بالبراميل المتفجرة من قبل إسرائيل، وأظهرت دماراً واسعاً في الأبنية السكنية.
ونشر حساب باسم “نور” على منصة “X” تسجيلاً مصوّراً لصرخة فلسطيني وهو يُظهر الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي بالبراميل المتفجرة.
وذكر مواطن متضرر "هادا برميل متفجر نسف الحارة من طقم الكاسات لطقم النوم مضلش اشي"..
— نور (@Noor_Hamad0) May 13, 2023
النصر حليف كل مظلوم، لكم الله ياأهل غزة ونصركم عالمحتل.#غزة_تحت_القصف#كلمه_بالقلب_بقولها pic.twitter.com/H9r2XqP8FL
كما وشارك ناشط آخر يدعى “أحمد المدحون” من مدينة “خان يونس” تسجيلاً مصوّراً يُظهر مشاهداً من مجزرة بحق عائلة في مدينته، سببها برميل متفجر من طائرات إسرائيل.
الان مجزرة جديدة وعدد من الأطفال بعد قصف الاحتلال لمنزل عائلة ابو عودة في #خانيونس باستخدام برميل متفجر ضخم أمام عينينا! يا رب ما إلنا غيرك! #غزة #غزة_تُباد#غزة_تستغيث pic.twitter.com/71jYBVj2R2
— Ahmed El-Madhoun (@madhoun95) October 19, 2023
وبحسب ناشطون فإن إسرائيل استخدمت البراميل المتفجرة في مناطق “بيت حانون والزنة وخزاعة والشجاعية”، إذ وصفوا أصوات انفجاراتها بـ”الزلازل”، وأن قوتها التدميرية من شأنها تغيير معالم المنطقة المستهدفة بالكامل، كما من شأن البرميل الواحد أن يدمر منازل عديدة دفعة واحدة، ويصيب منازل أخرى بأضرار بالغة.
من جهتهم، اعتبر ناشطون سوريون أن أساليب القتل التي تنفذها إسرائيل اليوم في منطقة غزة الفلسطينية، هي استنساخ كامل لأساليب سلطة الأسد في سوريا.
وبحسب الناشط الإعلامي “عبد الله رشيد” فإن إجرام الأسد طيلة السنوات الماضية وخوضه غمار التجربة العسكرية على أجساد السوريين وأضاف قائلا: “وثقنا إجرام الأسد بعدساتنا ونقلناها إلى المجتمع الدولي الذي أدار وجهه عن مأساتنا طيلة السنوات، كانت كفيلة أن تكون خطة عسكرية ناجحة يستفيد منها كل نظام دكتاتوري، وها هي اليوم إسرائيل تستخدم البراميل المتفجرة في حربها على غزة”.
وأكّد رشيد على أن استخدام البراميل المتفجرة ليست هي الخطة الوحيدة التي تستخدمها إسرائيل في غزة، فمنذ قرابة الشهر نفذت عدداً من الخطط العسكرية، كانت شبيهة لما تُنفذها سلطة الأسد تماماً في سوريا؛ أولها “الحصار، وضرب المستشفيات، انكار القصف، الأرض المحروقة، الغارات المزدوجة“.
تصدير الإجرام إلى أوكرانيا
على الرغم من اختلاف معطيات الحرب في أوكرانيا عما هي في سوريا وغزة، باعتبار أن الصراع في تلك المنطقة يدور بين جيشي روسيا وأوكرانيا، فإن صحيفة الغارديان البريطانية وثّقت عبر تحقيق لها، استخدام روسيا سلاح البراميل المتفجرة في قتالها ضد الجيش الأوكراني.
وخلص التحقيق الذي نشرته الصحيفة في أيار من العام الماضي 2022، أن المتخصّصين في البراميل المتفجرة كانوا في طليعة القوات التي أرسلتها سلطة الأسد إلى روسيا لدعم بوتين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوروبيين قولهم إن أكثر من 50 فنياً متخصّصاً بالبراميل المتفجرة وصلوا من سوريا إلى روسيا للمساعدة في الاستعداد لحملة تدمير في أوكرانيا، مماثلة لما جرى في سوريا.
وقال مسؤولون أوروبيون من الاستخبارات، لم تكشف هوياتهم، إن الفنيين السوريين يتمتعون بخبرة واسعة في صنع المتفجرات، ووصلوا إلى روسيا في الشهور الأولى للحرب، ويعملون جنباً إلى جنب مع مسؤولين من الجيش الروسي.
وذكرت الصحيفة أن وجودهم في روسيا كان أحد العوامل وراء التحذيرات الأميركية والأوروبية من أن الجيش الروسي ربما يستعد لاستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب على أوكرانيا.
ومنذ تموز 2012 حتى نيسان 2021 استخدمت سلطة الأسد قرابة 82 ألف برميل متفجر تسببت في مقتل 11087 مدنيا بينهم 1821 طفلا، وفقاً لتقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان صدر عنها مطلع نيسان 2021.