نضال العبدو – حلب اليوم
مع اقتراب فصل الشتاء يتجهّز السوريون في شمال غربي البلاد لشراء وترميم المدافئ مع الوقود اللازم بمختلف أشكاله من قشور أو حطب أو ديزل، فضلاً عن الحاجة لتجديد الفرش الشتوي من سجاد وبُسط، في ظل انخفاض مستويات الدخل وارتفاع في تكاليف المعيشة واﻷسعار، مع ظروف نزوح صعبة لملايين المهجرين.
أمام هذا الواقع الصعب بات شراء ملابس شتوية أمراً مكلفاً بالنسبة لشريحة واسعة تكاد تكون العظمى في المنطقة الممتدة من غربي حماة وشمال اللاذقية حتى شمال وشرقي حلب، وهو ما يدفع الكثير من اﻷهالي للجوء إلى “البالة” لسد احتياجات اﻷطفال.
تقول “هدى .م” وهي سيدة ثلاثينية تسكن في أعزاز شمال حلب، لـ”حلب اليوم” إن من الصعب عليها شراء ملابس جديدة ﻷطفالها الثلاثة، حيث قدرت كلفة الكسوة الشتوية الكاملة لهم بأكثر من 5000 ليرة تركية، أي ما يقرب من 200 دولار أمريكي، فيما تؤكد أنها أمنت كافة مستلزماتهم من “البالة” بربع ذلك المبلغ.
من جانبه يؤكد الخياط “أحمد .س” في مدينة إدلب أن قطاع الملابس بات يعاني من صعوبات جمة، دفعت تجاراً معروفين وأصحاب مشاغل قديمة ومعروفة إلى التعثر أو اﻹفلاس، جراء ارتفاع التكاليف وضعف اﻹقبال، لكن “أبو حسان” صاحب محل اﻷلبسة يرى أن اﻷوضاع ليست دائماً بهذا الشكل حيث يبيع كميات لا بأس بها من الملابس النسائية والولادية الجديدة التي يستوردها من تركيا وبأسعار ليست بالقليلة.
يشير أبو حسان إلى أن هناك شريحة أخرى من السكان في المنطقة لا تزال قادرة على شراء الملابس من النوعيات الجيدة، رغم أن سعر القطعة الواحدة من اﻷلبسة الولادية قد يتراوح بين 20$ و50$، لكن القادرين على ذلك قلة، وهم من التجار وأصحاب رؤوس اﻷموال أو موظفي المنظمات ذوي الرواتب الجيدة أو اﻷطباء.. إلخ.
ولا تقتصر “البالة” على اﻷلبسة، حيث انتشرت اﻷدوات المستعملة بما في ذلك السجاد والبسط والمفروشات في مختلف مدن وقرى الشمال الغربي، ولاقت رواجاً مع ظروف الحرب والتهجير، حيث اضطر الكثيرون لبيع أغراضهم بأسعار رخيصة للتخلص من عناء نقلها وتخزينها، فيما برزت الحاجة في المقابل للأغراض لدى آخرين.
يفرش الرجل الستيني “أبو محمد” بضائعه كلّ يوم بمساعدة ولده على أحد الأرصفة حيث يعرض السجاد والكراسي إلى جانب الخردوات المستعملة، ويقول إن هناك نوعاً من اﻹقبال مع اقتراب فصل الشتاء، حيث تقلّ الخيارات أمام السكان يوماً بعد يوم.
وتؤكد إحصاءات فريق “منسقو استجابة سوريا” في أحدث تقرير صدر اﻷسبوع الماضي أن أكثر من 94 % من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء القادم، بينما “يسعى 67 % من العائلات في شمال غرب سوريا إلى تخفيض الاحتياجات الأساسية في محاولة يائسىة للحصول على التدفئة لهذا العام”.
ومع كون الدخل الشهري لنحو 83 % من العائلات لايتجاوز 50 دولاراً أمريكياً، فإن تأمين احتياجات الشتاء يبدوا أمراً صعباً، فيما لا تزال استجابة المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة دون المستوى المطلوب.