تواصل اﻷجهزة اﻷمنية في حمص حملتها على التجار وميسوري الحال، حيث تجري ملاحقتهم واعتقالهم وتغريمهم، في عملية ابتزاز للأموال لحساب أسماء الأسد، وذلك تحت شعار “مكافحة الفساد”.
وأفاد مراسل “حلب اليوم” في حمص بأن فرع مخابرات أمن الدولة الذي يترأسه العميد مدين ندّة بالمحافظة تحوّل إلى نسخة مطابقة لفرع مخابرات الخطيب في العاصمة السورية دمشق الذي تديره أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد من خلال تركيز مهامه على ملاحقة أصحاب اﻷموال من أبناء المدينة خلال الفترة الراهنة.
وأكد أن ضباط فرع مخابرات أمن الدولة في مدينة حمص باتت مهامهم مقتصرة على ملاحقة واعتقال التجار بتوجيهات من رئيس الفرع الذي أخضع العديد من أبناء المدينة للاعتقال التعسفي وزجّ بهم داخل أروقة الفرع قبل أن يتمّ الافراج عنهم عقب دفع الإتاوة المطلوبة، والتي يتمّ تحديدها على أساس التقارير الموجودة لديهم والتي تتضمن معلومات دقيقة حول ما يمتلك أولئك التجار من سيولة مالية أو بضائع من خلال الكشوفات الجمركية التي يتم تزويدهم بها من قبل الدوائر الحكومية التابعة لسلطة الأسد.
وأشار مراسلنا إلى أن الفترة الماضية شهدت عملية توقيف واعتقال عدد من تجار الذهب (الصاغة) بالإضافة للمقاولين والمتعهدين الذين بدأوا بالفعل بالعمل على استثمار أموالهم داخل مدينة حمص أو ضمن قراها الريفية، لافتاً إلى أن مدة الاعتقال تراوحت بين 10-30 يوم يتم خلالها السماح للموقوفين ضمن الفرع بالتواصل مع أحد أقرباءهم او المحاسبين العاملين لديهم من أجل تأمين المبلغ المطلوب وتحويله إلى رقم حساب مصرفي قبل أن تجري عملية الافراج دون عرضهم على القضاء.
وقال “م.ج” أحد الصاغة العاملين في مدينة حمص في حديثه لمراسلنا إن دورية أمنية من مرتبات فرع المداهمة التابعة لفرع مخابرات أمن الدولة قامت بإلقاء القبض عليه أثناء توجهه إلى محله الكائن ضمن السوق المسقوف وسط مدينة حمص، وتم اقتياده إلى مبنى الفرع الكائن في حي الغوطة وسط المدينة دون أن توجّه إليه أي تهمة بشكل مباشر علماً أنه دخل إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي قبل عملية الاعتقال بعدّة أيام قادماً من الدوحة الأمر الذي يؤكد عدم وجود أي طلب أمني بحقه من قبل أفرع المخابرات.
وأضاف أن ضباط الفرع لم يقوموا باستجوابه أو عرضه على المحققين إلا بعد مرور خمسة أيام ترك خلالها وحيداً ضمن غرفة مظلمة بالوقت الذي كان يرفض السجانون التحدث معه خلال تقديمهم لوجبات الطعام في محاولة منهم للضغط عليه نفسياً.
وبعد مرور الأسبوع الأول تم عرضه على المحقق الذي بادره بالسؤال عن الأموال التي يمتلكها والذهب الذي يعمل به وتكرار سفره خارج البلاد قبل أن يتم عرضه على رئيس قسم التحقيق الذي أكد أنه لن يُفرج عنه إلا في حال قدم ما أسموه بـ (المساهمة المالية لدعم أسر قتلى عناصر قوات اﻷسد والمشاركة بالمشاريع التنموية التي تقوم بها مؤسسة العرين التي تديرها أسماء الأسد لذوي القتلى وجرحى الحرب).
بدورها شهدت بلدة تيرمعلة بريف حمص الشمالي الأسبوع الماضي حملة مداهمة طالت أربعة أشخاص من التجار وأصحاب المعامل الصناعية دون وجود أي تهم موجهة إليهم بشكل رسمي (علماً ان معظم التجار هم من المقربين من السلطات الأمنية ويقومون بالسفر خارج سوريا والتنقل بين المحافظات الخاضعة لسلطة الأسد دون التعرض له) إلا أن السياسة التي بدأ ينتهجها فرع مخابرات أمن الدولة شكلت حاجزاً من الرعب بين أصحاب المصالح وميسوري الحال الذين أيقنوا انهم باتوا هدفاً مشروعاً لأطماع الأسرة الحاكمة.
في سياق متصل تحدث الحاج عبد الكريم الحسن من سكان مدينة حمص عن إقدامه على الهروب نحو لبنان كخطوة أولية قبل التوجه إلى ليبيا بعدما قام بتصفية حساباته المالية وبيع بضائعه لزملائه من التجار بأسعار منخفضة قبل أن يتم القاء القبض عليه من قبل عناصر أمن الدولة الذين ابتزوه مالياً مقابل إطلاق سراحه.
وأضاف الحسن أنه كان يحاول بشتى السبل البقاء ضمن سوريا رغم ما آلت إليه الظروف المعيشية والاستمرار بالعمل على تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي، إلا ان الزمرة الحاكمة وتسلط رؤساء الأفرع الأمنية على رقاب التجار دفعته للحاق بركب من خرجوا مرغمين إلى بلاد اللجوء لضمان عدم اعتقالهم وابتزازهم مالياً.
تجدر الإشارة إلى أن فرع مخابرات أمن الدولة في مدينة حمص بات له الباع الأكبر بين باقي أفرع المخابرات خلال الستة اشهر الماضية عقب الدعم الكبير الذي تلقاه العميد مدين ندة رئيس الفرع من قبل أسماء الأسد التي بات اسمها شبحاً يلاحق تجار مدينة حمص وأبناء طبقة ميسوري الحال الذين لم يبقى أمامهم سوى الرضوخ لأطماعها مرغمين وإلا فإن التغييب والاعتقال سيكون بانتظارهم.