يدور الحديث بشكل مستمر حول الخبز ومضارّه المحتملة على صحة اﻹنسان، بوصفه مادة أساسية لدى كل الشعوب وعبر التاريخ، اﻷمر الذي يثير اهتمام الخبراء للبحث عن إجابات علمية ودقيقة، وقد نشر موقع ألماني مختص مقالاً خلص إلى أن خبز الحبوب الكاملة غير المقشورة يمثل الحلّ اﻷمثل.
وتتعلق أبرز أسباب اﻹشكالات حول الخبز باللياقة البدنية أولاً والصحة العامة ثانياً، حيث يحذر بعض خبراء التغذية من الإكثار من تناوله لا سيما الخبز الأبيض والذي يُنصح بتجنبه بسبب طريقة تصنيعه ومعالجته التي تُفقده العديد من العناصر الغذائية الهامة.
ويحوي الخبز اﻷبيض نسبة عالية من السعرات الحرارية، وبالتالي فإن تناوله الدائم سيؤدي إلى زيادة الوزن حتماً، وفقاً لما نقله التلفزيون اﻷلماني DW عن موقع “فت فو فن” الألماني المتخصص بشؤون الصحة والتغذية.
وأوضحت دراسة نشرها الموقع أن هناك نزاعاً حقيقياً حول أهمية الخبز بين الخبراء، فالعديد من الأنظمة الغذائية مثل تلك اﻷنظمة منخفضة الكربوهيدرات تحث على تجنب الكربوهيدرات والخبز، وعدم تناوله بكثرة وتربط بين كثرته وبعض الاضطرابات الهضمية، وتنصح باستبعاد الخبز تماماً بسبب الغلوتين.
لكنّ جمعية التغذية الألمانية (DGE) ترى أن الابتعاد تماماً عن الخبز غير مفيد، وتؤكد على حاجة الجسم إلى جرعة يومية من الكربوهيدرات من أجل المحافظة على نشاطه، وتوضح أن الكمية الموصى بها من الخبز تختلف قليلاً بحسب طبيعة الجسم ومستوى النشاطـ بيد أن الكمية الموصى بها بشكل عام تعادل أربع إلى ست شرائح من الخبز.
وتنصح الجمعية بـ”الاستماع إلى الجسم”، إذ يتجنب العديد من الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الغلوتين الخبز تماماً، ولكن “إذا شعرت بتوعك بعد تناول الخبز وشعرت بالانتفاخ، على سبيل المثال، فليس من الضروري أن تكون مصابًا بعدم تحمل الغلوتين”، فالعديد من أنواع الخبز تحتوي على القمح، مما قد يسبب الألم أو الانتفاخ لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي.
كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة هوهنهايم أن وقت استراحة العجين قبل الخبز يلعب دورًا مهمًا في الشعور بالانتفاخ من عدمه، بحسب الموقع اﻷلماني، إذ تحتوي عجينة القمح على وجه الخصوص على سكريات خاصة، تسمى FODMAPs (سكريات قليلة وثنائية وأحادية وبوليولات قابلة للتخمر)، لا يمكن معالجة هذه الأشياء إلا بشكل سيء عن طريق الأمعاء الدقيقة، ولهذا السبب تتشكل الغازات أثناء عملية الهضم.
ولكن بحسب الدراسة كلما طالت مدة ارتفاع العجين قبل الخبز، أصبح هضمه أسهل، حيث تقدم المخابز التقليدية الصغيرة هذا الإعداد في كثير من الأحيان أكثر من السلاسل الكبيرة، ويتعين عادةً القيام بالأشياء بشكل أسرع، “فإذا تناولت الطعام هنا، يمكن أن يكون الخبز أكثر قابلية للهضم”.
ويلعب نوع الحبوب المستخدم في الدقيق دورًا كبيرًا في استهلاك الخبز، وعلى الرغم من شعبيتها (خصوصاً القمح)، إلا أنها منخفضة في الألياف، فبعد تناول الطعام، يرتفع مستوى السكر في الدم، لكنه ينخفض بنفس السرعة تقريبًا ويعود الشعور بالجوع، و”هذا لا يجعلك تشعر بالجوع بشكل أسرع فحسب، بل يأكل أيضًا أكثر”.
ولما سبق يعد خبز الحبوب الكاملة خيارًا أكثر صحة لأن الألياف التي يحتوي عليها تنتفخ في المعدة، مما يجعلك تشعر بالشبع بسرعة أكبر ولا تشعر بالجوع لفترة أطول، وتمنع الحبوب الكاملة الأمراض الشائعة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا 48 غرامًا من منتجات الحبوب الكاملة يوميًا كان لديهم معدل وفيات أقل بنسبة 20 بالمائة من الأشخاص الذين تناولوا القليل من منتجات الحبوب الكاملة أو لم يستهلكوها على الإطلاق.