وثّقت شبكة حقوقية سورية ما لا يقل عن 223 حالات الاعتقال التَّعسفي في شهر آب المنصرم، وكانت سلطة الأسد المسؤولة عن الغالبية العظمى من تلك الحالات.
وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم السبت أنَّ من بين المحتجزين 14 طفلاً و17 سيدة، مبينةً أن هناك الكثير من غير المحتجزين يعيشون حالة قلق بسبب إبداءهم ﻵراء مخالفة لسلطة اﻷسد.
وأشار التقرير إلى اعتقال سلطة اﻷسد للعشرات من المدنيين المشاركين في احتجاجات آب المناهضة لها وملاحقة آخرين، فيما تمُّت عمليات الاعتقال كالعادة من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية.
واعتقلت سلطة اﻷسد ما لا يقل عن 57 مدنياً بينهم 11 سيدة على خلفية الحركات الاحتجاجية المناهضة لها بمختلف أشكالها في مناطق سيطرتها منذ مطلع آب، إما عبر نشر المقاطع المصورة التي تهاجم سياستها أو عبر القيام بحركات احتجاجية ككتابة عبارات مناهضة على الجدران وتوزيع المنشورات وحرق صور بشار الأسد وغيرها.
وتركزت هذه الاعتقالات في محافظات اللاذقية وطرطوس، ودمشق، وريف دمشق وحلب ودير الزور، ورصد التقرير وضع المزيد من الحواجز الأمنية، وزيادة أعداد العناصر المتواجدين عليها، مما تسبب في زيادة التدقيق الأمني على المواطنين المارين من خلالها.
كما سُجّلت حملات دهم وتفتيش متكررة استهدفت منازل العديد ممن شاركوا أو عبَّروا عن مطالبهم في الاحتجاجات الأخيرة دون أن تؤدي إلى اعتقالهم، وقد دفعت هذه العمليات العديد من المدنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات إلى الحدَّ من تحركاتهم وإيقاف أعمالهم وترك منازلهم، خوفاً من اعتقالهم وتعذيبهم.
ووثق التقرير عمليات اعتقال عشوائية موسعة بحق مواطنين، في محافظات حماة ودمشق وريف دمشق وإدلب، حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش، بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، ومن بينهم أشخاص تم اعتقالهم على خلفية تلقيهم حوالات مالية من الخارج.
ويتعرَّض المعتقلون للتَّعذيب والحرمان من التواصل مع عائلاتهم، كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وما يزال هناك قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً في سجون اﻷسد، بينما لا تفرج مراسيم العفو المزعومة إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع ومستمر، وفقاً للمصدر نفسه.
وأكد التقرير أنَّ قوات اﻷسد لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم، “الأمر الذي يُثبت مجدداً حقيقة أنه لا يمكن لأي مواطن سوري أن يشعر بالأمان من الاعتقالات؛ لأنها تتم دون أي ارتكاز للقانون أو قضاء مستقل”، وأن “المناطق الخاضعة لسيطرة اﻷسد لا يمكن أن تشكِّل ملاذاً آمناً للمقيمين فيها”.
واستمرت قوات الأسد – طبقاً للشبكة – في الملاحقة و الاعتقال التَّعسفي الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، بينهم عددٌ من الناشطين والأشخاص العاملين سابقاً في صفوف فصائل المعارضة، وتركَّزت في محافظات ريف دمشق ودرعا وحمص، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
يُذكر أن عدد حالات الإخفاء القسري بلغ قرابة 102 ألف في سوريا، 85 % منهم لدى سلطة اﻷسد؛ بمن فيهم الأطفال والنِّساء حيث تُتخذ الأُسَر والأصدقاء رهائنَ حرب.