غادر عشرات الشبان محافظة السويداء في الجنوب السوري، خلال الأسبوعين الأخيرين، في مؤشر جديد على تدهور اﻷوضاع المعيشية بعموم مناطق سيطرة اﻷسد، وسط تفاقم اﻷزمات المعيشية.
وغادر أكثر من 70 شاباً وشابة مدينة السويداء، إلى مطار بيروت في لبنان، خلال اﻷسبوع الماضي وسابقه، في رحلة نحو دول منطقة الكاريبي، خصوصاً غويانا وسورينام، وفقاً لموقع “العربي الجديد“.
ويقول المهاجرون إن السبب الأول لذلك هو الهروب من الخدمة العسكرية، إلى جانب تردي الوضعين المعيشي والأمني، وانعدام الثقة بالمستقبل، وتراجع الأمل في وجود انفراجة قريبة للوضع السياسي في البلاد.
وكانت المحافظة شهدت موجات هجرة متكررة منذ عام 2015، مما جعل الأهالي يطلقون أسماء بديلة على عدد من البلدات والقرى نسبة إلى الدول التي هاجر إليها شبابها، فمثلاً باتت بلدة “مفعلة” شرقي السويداء تسمى “بلدة شباب ليبيا”، أو يقال عن “نجران” الواقعة في الريف الغربي “أهل فنزويلا”، وعن بلدة “عرمان” في الريف الجنوبي “أهالي نيجيريا وجنوب أفريقيا”.
وقال “عبادة أبو رافع” الطالب في كلية الاقتصاد، وهو من ركاب حافلة توجهت إلى بيروت نحو المطار: إن “معظم الركاب يقصدون غويانا الواقعة بالقرب من البرازيل، وتتبع إدارياً لفرنسا، بهدف طلب اللجوء في اﻷخيرة بعد السفر إليها”.
وأضاف الشاب: “غامرنا بكلّ ما نملك للهرب من واقعنا السيئ، ومن حياة بلا مستقبل، ولن نعود مهما كانت الظروف.. نعرف كل التفاصيل، ودرسنا كل الطرق ومخاطرها”.
من جانبه ذكر “ناشط مدني طلب عدم ذكر اسمه”، وهو من المشاركين في الرحلة أنها “رحلة خطرة يقبل عليها كثر من راغبي الهجرة، وبعضهم باع بيته، وآخرون استدانوا تكاليف السفر، وهم يغامرون بعبور غابات الأمازون باستخدام مراكب بدائية للوصول إلى مقصدهم، فضلاً عن التعامل مع المهربين ومكاتب السفر، هذه الرحلات جزء منها قانوني، لكن معظمها يتخلله الكثير من المخاطر، ولا تختلف كثيراً عن رحلات عبور البحر المتوسط”.
أما “مهدي مرشد” الذي وصل مع زوجته وابنه إلى غويانا قبل أربعة أشهر، وهو ينتظر حالياً قرار قبول الإقامة، فقد أكد أن “قرار الهجرة لم يكن سهلاً”، لكنه “لا يفكر في العودة مهما كان ردّ دائرة الهجرة، فقد “استنفد كل فرص العيش بكرامة في بلده، ويبحث عن أي بلد يحكمه القانون والعدالة الاجتماعية ويشعر فيه بالأمان”.
ووصف مرشد “الكامب” الذي يعيش فيه مع عائلته في انتظار الإقامة بأنه “فندق خمس نجوم بالنسبة إلى أهلنا في سوريا”، فمنذ وصوله “تسلّم سكناً عائلياً، وحصل على الإعاشة بانتظام، ونيستطيع التجول كما يشاء”.
ويقصد أبناء السويداء ذات الغالبية الدرزية دول أوروبا وأميركا الجنوبية وكندا، بالإضافة إلى دول الخليج والعراق، وخصوصاً إقليم كردستان، فيما لم تتجاوز نسبة النمو السكاني 0.12 في المائة، بسبب العزوف عن الزواج أو اﻹنجاب وفقاً لدراسة رسمية لحكومة سلطة اﻷسد صدرت عام 2020، وهي من بين النسب الأدنى في العالم وتعني أن المحافظة تواجه خطر الخلو التام من السكان.