توصّلت دول الاتحاد الأوروبي -أمس الخميس- لاتفاق حول تعديل الأنظمة المتعلّقة باستقبال “مشترك” أكثر إنصافا لطالبي اللجوء والمهاجرين، وذلك في ختام مفاوضات وصفت بأنها مضنية وشاقة.
ويفتح الاتفاق الجديد – الذي انتهى بإقناع إيطاليا واليونان بالسير في التعديل – المجال أمام مفاوضات في البرلمان الأوروبي، بغية تبنّي الإصلاح قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في حزيران/يونيو 2024.
وأعلنت السويد التي تتولى الرئاسة الدورية نصف السنوية للاتحاد الأوروبي، التوصل للاتفاق أخيراً بعد يوم كامل من النقاشات التي وصفت بالمعقّدة بين وزراء داخلية دول التكتّل في لوكسمبورغ.
من جانبها رحّبت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون بالاتفاق الذي وصفته بأنه “خطوة مهمة جدا” لميثاق اللجوء والهجرة الذي قدّمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول 2020.
في المقابل صوّتت بولندا والمجر ضد هذه المقترحات، فيما امتنعت بلغاريا ومالطا وليتوانيا وسلوفاكيا عن التصويت، ومن جهتها قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر “ليست هذه قرارات سهلة بالنسبة لجميع الجالسين إلى الطاولة، لكنّها قرارات تاريخية”.
وينص اتفاق تعديل نظام الهجرة على التضامن بين الدول الأوروبية على صعيد استقبال المهاجرين، وتسريع البت في طلبات لجوء عدد من المهاجرين الموجودين عند الحدود.
تسوية بعد رفض
لم يلق مقترح تعديل تظام الهجرة بادئ الأمر إجماعاً كبيراً، حيث أعلنت 10 دول من بينها إيطاليا واليونان معارضتها أو تحفّظها على المقترحات المطروحة على طاولة البحث، وهو ما أدّى إلى إعداد نص تسوية جديد لاسترضاء أكبر عدد ممكن من البلدان، خصوصاً بلدان حوض المتوسط التي يدخلها المهاجرون، ومنها إلى الاتحاد الأوروبي.
بناءً على ذلك، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان دعا إلى التحلي بـ”روحية التسوية” في ما يتعلق بالمقترحين، وقال “ليس كل ذلك مثاليا لكن من خلال التسوية يمكن أن نصبح أكثر فاعلية”.
جوهر الخلاف
طالبت إيطاليا بالسماح للمهاجرين الذين لم يحصلوا على حق اللجوء، بالتوجه إلى بلدان “آمنة” بحيث يمكنهم أن يمروا عبرها، حتى في غياب صلة محددة بين المُهاجر المعني والبلد؛ إلا أنّ ألمانيا عارضت هذه الفكرة.
أما النّص الآخر الذي لقي تأييد الوزراء، فهو ينص على إلزام الدول الأعضاء بتسريع مراجعة طلبات اللجوء لبعض المهاجرين غير المؤهلين بشكل واضح للحصول على هذه الحماية، لأنهم يأتون من بلدان تعتبر “آمنةً”، ويهدف ذلك لتسهيل وتسريع إعادتهم إلى بُلدانهم.
وبموجب أحد النّصين لوحظ تضامن أوروبي إلزامي يوصف بالمرونة، بحيث تلزم الدول الأعضاء باستقبال عدد معين من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي المعرضة لضغط الهجرة أو ما يسمى “إعادة التوطين”، وفي حال لم ترغب بذلك، فإن عليها تقديم مساهمة مالية لهذا البلد، وبحسب مصادر دبلوماسية عدة، يبلغ التعويض المالي 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء لم يتم نقله إلى مكان آخر.
وهي محاولة لتحقيق توازن بين دول البحر الأبيض المتوسط التي يصل إليها المهاجرون الراغبون في انتقال تلقائي إلى دول أخرى في الكتلة، ودول مثل المجر أو بولندا التي ترفض أن يُفرض استقبال طالبي اللجوء عليها.
أمّا وزيرة الداخلية الألمانية “نانسي فيزر” فقد طالبت بعدم إخضاع العائلات التي لديها أطفال صغار السن لآلية الحدود”.
وعادت مسألة تعديل نظام الهجرة إلى الواجهة مجدداً، على خلفيّة ازدياد أعداد المهاجرين، الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي منذ انتهاء الوباء، وفي وقت لجأ فيه أربعة ملايين أوكراني إلى بلدان التكتل.