تمكن “رجب طيب أردوغان” من الفوز بالانتخابات الرئاسية التركية 2023، بعد فتح صناديق الاقتراع في جميع الولايات التركية، في حدثٍ انتظره ملايين المواطنين الأتراك بترقب وحذر.
وحصل “أردوغان” على 52.86% بينما حصل “كمال كليتشدار أوغلو” على 52.14 بعد فتح 99.80% من صناديق الاقتراع.
وتنافس في الانتخابات الرئاسية في جولتها الثانية، الرئيس الحالي “رجب طيب أردوغان” مرشحاً عن تحالف “الشعب”، و”كمال كليتشدار أوغلو” مرشحاً عن تحالف “الأمة”.
المولد والنشأة
ولد رجب طيب أردوغان في 26 (شباط) 1954 بمدينة إسطنبول، إلا أن أصوله تنحدر من مدينة ريزا الواقعة شمال شرقي تركيا على البحر الأسود.
درس الابتدائية في مدرسة قاسم باشا وتخرج فيها عام 1965، ثمّ درس في ثانوية إسطنبول للأئمة والخطباء وتخرّج منها عام 1973، التحق بعدها بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية بجامعة مرمرة، ثم تخرج فيها عام 1981.
صفات القائد
طغت على أردوغان شخصية القائد مبكّراً، فقد عُرف باهتمامه بالحياة الاجتماعية والسياسية وقضايا الشأن العام، منذ أوّل شبابه؛ ولعلّ اهتمامه بكرة القدم ولعبه لها في الفترة ما بين 1969 و1982، كان سبباً رئيسياً في تعلّمه روح العمل مع الفريق والانضباط بالعمل الجماعي، وفي هذه الفترة نفسها بدا اهتمامه الجادّ بقضايا بلاده وما تعاني من مشكلات اجتماعية واقتصاديّة وخدميّة؛ وهو ما دفعه لدخول معترك الحياة السياسيّة.
ميدان السياسة
البداية كانت في المنظمة الطلابية للاتحاد الوطني للطلبة الأتراك والمنظمات الشبابية، حيث تولّى دورًا بارزًا فيها، وفي عام 1976 انتُخِب رئيسًا للمنظمة الشبابية لحزب السلامة الوطني بمنطقة بايوغلو التابعة لمدينة إسطنبول، كما أصبح في العام ذاته، رئيسًا للمنظمة الشبابية في مدينة إسطنبول، وبقي في هذين المنصبين وغيرهما حتى عام 1980 إلى أن حُلّت الأحزاب السياسية في 12 أيلول من العام ذاته، ليبقى مُستشارًا وإداريًّا رفيعًا في القطاع الخاص.
أردوغان وحزب الرفاه
مع سماح النظام العسكري بتكوين الأحزاب، عاد رجب طيب أردوغان مجدداً إلى الحياة السياسية بقوّة عام 1983، مع حزب الرفاه أو الرفاهية، حيث سارعت مجموعة أستاذه نجم الدين أربكان تكوين هذا الحزب، ليصبح أردوغان رئيس الحزب في فرع بايوغلو بإسطنبول عام 1984، ثمّ رئيسًا للحزب في مدينة إسطنبول، وعضوًا في اللجنة الإدارية للقرارات المركزية للحزب أيضاً عام 1985.
كان لأردوغان دور محوريّ في حزبه الرفاه، إذ استطاع تشجيع وضمّ النساء والشباب إلى ميدان السياسة؛ وبفضل فلسفته وهيكله التنظيميّ الجديد الذي وضعه للحزب، حقق نجاحًا كبيرًا في انتخابات بايوغلو المحلية عام 1989، وأصبح نموذجًا يحتذى به في فعاليات الحزب على الصعيد الوطني.
خاض الرفاه جولات الانتخابات البلدية والتشريعية وحقق تقدمًا مضطردًا، وفي عام 1994 م دفعت الانتخابات البلدية بحزب الرفاه إلى ساحة الاهتمام العالمي والإقليمي والمحلي، نظراً لفوزه في أكثر من 400 بلدية، كان أهمها بلدية أنقرة وبلدية إسطنبول التي فاز برئاستها رجب طيب أردوغان في 27 من آذار.
أردوغان … وسرّ النجاح
تعزى شعبيّة وسرُّ نجاح أردوغان إلى تمكّنه من حل كثير من مشكلات ومعضلات إسطنبول، هذه المدينة الكبيرة جدًّا، منها: مشكلة المياه والنفايات والتلوّث والمواصلات، وحقق نجاحاً باهراً في ذلك، من جانب آخر تمكّن من استثمار موارد البلدية والقضاء على الفساد داخلها، وهو ما مكّنه من تسديد جلّ ديون البلدية التي تقدّر بملياري دولار أمريكي آنذاك.
في 12 كانون الأول (ديسمبر) 1997 حُكِم على أردوغان بالسجن بسبب إلقائه أبياتاً شعرية في خطاب جماهيري في مدينة سيرت، وفُصِل من رئاسة بلدية إسطنبول المدينة الكبرى على إثر ذلك، وفي عام 1988 حُظر حزبه الرّفاه بتهمة انتهاك علمانية الدستور.
حقبة حزب العدالة والتنمية
قضى أردوغان أربعة أشهر داخل السجن، وبعد خروجه بمدّة قرر مع أصدقائه تأسيس حزب العدالة والتنمية في 14 آب 2001، واختير رئيسًا له.
وخلال عام واحد اكتسب حزب العدالة شعبية كبيرة، تمكّن بموجبها من الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2002 ونيل ثلثي مقاعد البرلمان، ليتمكّن من تشكيل الحكومة بمفرده، إلا أنه وبسبب صدور حكم قضائيّ ضدّه، لم يستطع الترشح للانتخابات التشريعية التي أجريت في 3 تشرين الثاني 2002
وفي 9 آذار (مارس) 2003 تمكن من الترشح، ليصبح عضوًا برلمانيًّا عن مدينة سيرت للدورة الانتخابية الثانية والعشرين، وفي 15 آذار (مارس) 2003 تولّى أردوغان منصب رئاسة الوزراء، ليبدأ مشروعه الإصلاحيّ، وتحقيق حلمه بتنمية مستدامة لتركيا.
تركيا القويّة
توالت نجاحات أردوغان بعد ذلك، وقطع أشواطًا كبيرة في طريق التحول الديمقراطي والشفافية ومكافحة الفساد، والسيطرة على التضخم المالي، وتحسين دخل المواطن، فضلاً عن بناء السدود والمدارس والمساكن والطرق والمستشفيات ومحطات الطاقة والبنية التحتية، وهو ما دفع بعض الزعماء الغربيين لوصفها بـ “الثورة الصامتة”.
تمكن أردوغان أيضاً من وضع حل دائم لقضية جزيرة قبرص، وتكوين علاقات إيجابية مع مختلف بلدان العالم؛ وهو ما جعل لتركيا مكانةً على الصعيد الإقليمي والدوليّ.
ازدادت شعبية أردوغان أكثر فأكثر حيث حقق بصفته رئيسًا لحزب العدالة والتنمية، فوزًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية في 22 تموز 2007 بنيله 46،6 % من مجموع الأصوات، ليقوم بتشكيل الحكومة الستين، ومن بعدها الحادية والستين بعد حصوله على 49،8% في انتخابات 12 حزيران (يونيو) 2011.
أردوغان والرئاسة
في العاشر من شهر آب 2014 انتُخب رجب طيب أردوغان رئيسًا للجمهورية التركية؛ ليصبح الرئيس الثاني عشر في تاريخ تركيا، ثمّ أعيد انتخابه مرّة أخرى في 24 من حزيران 2018 كأول رئيس للجمهورية وفق النظام الرئاسي الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في أعقاب اعتماد التعديلات الدستورية في الـ16 أبريل نيسان 2017.
رجب طيب أردوغان متزوج وأب لأربعة أبناء.