كشفت مصادر إعلامية عن موافقة سلطة اﻷسد الضمنية على الغارة اﻷردنية التي وقعت يوم اﻹثنين الماضي، مع عدم اعتراضها على أية عملية عسكرية قد يقوم بها الجيش اﻷردني جنوبي البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الأردني العقيد “مصطفى الحياري” في حديث لقناة “المملكة” الرسمية: “نواجه حرباً على هذه الحدود؛ حرب مخدرات… التنظيمات الإيرانية هي الأخطر لأنها تأتمر بأجندات خارجية، وتستهدف الأمن الوطني الأردني”.
وأعلن الجيش يوم اﻷحد أنه قتل أربعة مهربين، في أحدث مواجهة على الحدود، وأعقب ذلك غارات في الداخل السوري على مواقع لميليشيات مرتبطة بـ”حزب الله”.
وخلفت المواجهات مع المهربين 40 قتيلاً على الأقل، فضلاً عن إصابة المئات، منذ بداية العام، معظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الميليشيات المرتبطة بإيران في جنوب سوريا.
ونقلت جريدة “إندبندنت عربية” عن “مصادر خاصة” أن وزير خارجية اﻷسد “فيصل المقداد” رد على وزير الخارجية اﻷردني “أيمن الصفدي “بعد تلويحه بإمكانية استخدام القوة العسكرية ضد مهربي المخدرات داخل الأراضي السورية، بالقول إن “الفوضى والفساد والرشوة تمنعنا من القيام بدورنا في هذا الشأن”.
وبحسب المصادر فإن اﻷردن اعتبر ردّ المقداد ضمنياً بمثابة غض طرف من جانب سلطة اﻷسد، عن أول تدخل عسكري أردني في العمق السوري.
وجاء رد وزير خارجية اﻷسد بعد كلام صريح من “الصفدي” عندما قال له إن الجيش الأردني سيشتبك ويتوغل في العمق السوري إذا لم تتدخل قوات سلطة الأسد.
وأوضحت المصادر نفسها، أن طائرتين من طراز “أف 16″، نفذتا فجر الإثنين، غارتين على مصنع للكبتاغون في درعا ومنزل “مرعي الرمثان” جنوب سوريا، بعد “اختراق أمني في صفوف العاملين في تجارة وتهريب المخدرات إلى الأردن، والحصول على معلومات استخبارية مهمة”.
ووفقاً للمعلومات فقد أخلت ميليشيات محسوبة على “حزب الله” وإيران في جنوب سوريا مقراتها لاحقاً، عقب الاختراق، فيما كانت نسبة الجاهزية قد وصلت إلى 100 في المئة لدى أفراد الجيش الأردني على الحدود السورية قبل يوم من العملية العسكرية.
وحول الموقف الدولي واﻹقليمي، فقد أشارت المصادر إلى اتصالات أردنية جرت مع الجانب الأميركي لتوفير غطاء للعملية الأخيرة، خصوصاً أن الولايات المتحدة لديها آلاف الجنود الأميركيين موزعين على نحو 10 قواعد عسكرية في المملكة.
بدوره قال قائد الجيش الأردني رئيس هيئة الأركان اللواء “يوسف الحنيطي”، إن “الجيش حازم في مواجهة التهديدات والتهريب على الحدود مع سوريا”.
وجاءت هذه التصريحات بحضور رئيس هيئة الأركان المشتركة ومساعد وزير الدفاع الأميركي “سيليست والاندر”، خلال انطلاق اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة الأردنية – الأميركية.
ويعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوري “صلاح ملكاوي” في حديث للصحيفة أن “الأمر يرتبط على ما يبدو باعتبارات سياسية وعسكرية تمنع الأردن من الاعتراف صراحة بهذه العملية في هذا الوقت”.
وأكد أن هذه العملية (الغارات) “تمت بالتنسيق مع سلطة اﻷسد، بعد الاجتماع الأخير الذي جمع وزير الخارجية الأردني بفيصل المقداد”، كما أورد معلوماتٍ تقول إن المستهدف بالعملية (الرمثان) هدد مراراً بالانتقام من قوات حرس الحدود الأردنية لاعتقاده بمسؤوليتها عن مقتل شقيقه قبل عدة أشهر.
وحول إمكانية تنفيذ تدخل عسكري بري يرى “ملكاوي”، أن “تفاهمات 2018 مع الروس، التي أعيدت بموجبها قوات الأسد إلى درعا، كانت تتضمن موافقة روسية على أي توغل في العمق السوري لمحاربة تجار المخدرات”.
واستدرك المحلل السياسي بتوقعه في أن يقوم الجيش الأردني بعمليات إنزال محدودة في الجانب السوري، حيث أن خريطة تجارة وتهريب المخدرات في الجانب السوري تأتي من الواجهتين الشمالية والشرقية ومعظمها من البادية السورية وهي مدعومة من “حزب الله” من خلال التدريب والرصد.
وتضم شبكة التهريب نحو 30 شخصاً من كبار التجار أبرزهم من العشائر البدوية في منطقة السويداء، ومئات المهربين المحترفين والمدربين عسكرياً على الاقتحام والمناورة، فضلاً عن الأدِلاَّء المسلحين.
وذكر العاهل الأردني الملك عبد الله، الأسبوع الماضي، أنه يخشى أن يؤدي انسحاب روسيا من جنوب سوريا نتيجة الحرب الأوكرانية إلى السماح لجماعات مسلحة مدعومة من إيران بملء الفراغ.
وأوضح مسؤولون أردنيون، أنهم نقلوا مخاوفهم من الزيادة الكبيرة في محاولات تهريب المخدرات إلى سلطة اﻷسد لكنهم لم يروا أي محاولة حقيقية لردعها.
وقال العميد “أحمد خليفات” مدير أمن الحدود في الجيش لصحيفة “الغد”: “كانت مطالبنا دوماً، أن تؤدي قواتهم واجباتها، لكن لم نلمس حتى الآن، أن لنا شريكاً حقيقياً في حماية الحدود”.
يُذكر أن الأردن، صادر في الأشهر الخمسة الماضية أكثر من 20 مليون قرص “كبتاغون” مقارنة بعدد قدره 14 مليوناً خلال العام الماضي بأكمله.