تستمر الحكومة اللبنانية في إجراءاتها ضد اللاجئين، عقب حملة أمنية لتوقيف السوريين المتواجدين في البلاد بشكل “غير قانوني”، حيث تمّ إيقاف المئات، وتسليم نحو 60 شخصاً لسلطة اﻷسد.
وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت السلطات اللبنانية بوقف عمليات الترحيل غير القانونية للاجئين السوريين، مؤكدةً على المصير المجهول الذي ينتظرهم في بلدهم، حيث داهمت أجهزة الأمن مخيمات السوريين ومناطق تواجدهم وأوقفت من لا يملكون تصاريح إقامة سارية.
ونقل التلفزيون الفرنسي “فرانس 24” عن “عامل إنساني في إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية”، تأكيده عن حصول عمليات ترحيل قسرية لسوريين من لبنان، كما أكد وقوع العشرات من عمليات المداهمات لمخيمات للسوريين في البقاع والجنوب.
وقال العامل: “لا يمكن لكل اللاجئين أن يعودوا، فمنهم من يخشى أن يكون مطلوباً للسلطات هناك، وآخرون مطلوبون للتجنيد الإجباري، قد يكون الوضع آمنا لمن يقومون بالذهاب والعودة بشكل دائم، لكن كيف يمكن إحصاء هؤلاء في ظل وجود عشرات المعابر الحدودية غير الشرعية؟”.
وأكد أن “من يقومون بزيارة سوريا بشكل طبيعي وهم يحملون صفة اللجوء؛ يمكن للأمن اللبناني أن يوقفهم عند الحدود ويمنعهم من الدخول، لكن أن تشن حملات مداهمات عشوائية تزيد من التوتر الذي يعيشه اللاجئون، هذا ما لا يمكن تفسيره، فقد يتم خلال تلك المداهمات توقيف وإبعاد أشخاص حياتهم معرضة للخطر في سوريا”.
وذكر “مصدر آخر في إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة فضل عدم الكشف عن اسمه”، أن السلطات اللبنانية رحلت سوريين مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينهم قُصر دون ذويهم؛ الأمر الذي أكده المجلس النرويجي للاجئين في أحد بياناته حيث قال إن أحد المستفيدين من أحد برامجه الشبابية من بين المرحلين.
وأكد الأستاذ الجامعي والكاتب السياسي اللبناني “باسل صالح” أن حملات التحريض المتجددة “ممولة من أحزاب هي جزء من السلطة، لتحميل اللاجئين عواقب الأزمات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد”.
وأرجع “صالح” المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع عامة في البلاد والبؤس الذي يعيشه اللاجئون إلى “فشل الدولة اللبنانية أصلاً بتنظيم أوضاع السوريين في البلاد” منذ بداية الأزمة في 2011.
وأضاف: “اللاجئون يدفعون ثمن فشل السياسة الداخلية في لبنان، فشل الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها، وفشل المجتمع الدولي بمعالجة أسباب لجوء هؤلاء”، مشدداً على أن الكرة في ملعب الدولة اللبنانية، ومؤكداً أن “الحملة القائمة حالياً ضد السوريين هي محاولة لابتزاز المجتمع الدولي من أجل المزيد من التقديمات والدعم”.
ومع أن لبنان يتحمل النسبة الأكبر من اللاجئين السوريين في المنطقة مقابل عدد سكانه – يضيف الكاتب – إلا أنه لم تتم دعوته للمشاركة في الاجتماعات العربية الجارية للتطبيع مع سلطة اﻷسد، حيث أن “النظام السياسي القائم في لبنان أمام عدد من الملفات المحلية العالقة (الأزمة الاقتصادية، مفاوضات صندوق النقد، الانتخابات الرئاسية…)، لذا فإن أفضل وسيلة للتهرب من مسؤوليات الحكومة هي بتأجيج صراعات داخلية”.
وتزايدت الضغوطات على السوريين مؤخراً، حيث قامت بعض البلديات اللبنانية بإصدار قرارات تحد من قدرة اللاجئين لديها على التحرك بحرية، فيما طالبت وزارة الداخلية نهاية الشهر الماضي البلديات بإجراء مسوحات ميدانية على اللاجئين السوريين المقيمين لديها، وعدم السماح لمن لا يملكون أوراقاً قانونية باستئجار عقارات فيها.
