خليل السامح – حلب اليوم
شهدت مدينة حماة الخاضعة لسيطرة سلطة الأسد مؤخراً، نوعاً جديداً من التجارة الإلكترونية للألبسة المستعملة، والتي تطورت مع تراكم الأزمات الاقتصادية التي تعيشها تلك المناطق، حيث تحولت الألبسة المستعملة من محال تجارية إلى مجموعات عبر موقع “فيسبوك”.
وقال مصدر من مدينة حماة لـ “حلب اليوم” – رفض الكشف عن اسمه – اليوم الأربعاء، إنه يقوم بعرض بضاعته على مجموعات عبر موقع “فيسبوك”، والذي يقوم بشرائها من بعض المحال في المدينة وريفها، مشيراً إلى أن ذلك يُساعد بعض العوائل متوسطة الدخل على تأمين مستلزمات الحياة اليومية.
وأضاف: “أقوم بشراء الألبسة المستعملة ومن ثم غسلها وتنظيفها بشكلِ جيد، وبعدها أقوم بعرضها على بعض المجموعات عبر فيسبوك بأسعار جيدة تناسب العوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود”.
وأشار إلى أن أسعار الألبسة المستعملة لا تقارن بأسعار الألبسة الجديدة، مبيّناً أن الفرق بينهما أكثر من 80%، الأمر الذي يعود لعدة أسباب، أبرزها عدم وجود تكاليف محل تجاري، أو استيراد أو دفع مبالغ للتأمين.
“أم مناف” وهي أم لخمسة أطفال، أوضحت لـ “حلب اليوم”، أنها تعتمد في كسوة أطفالها على شراء الألبسة المستعملة، بسبب ارتفاع أسعار الألبسة الجديدة في الأسواق، والتي لا تتناسب مع مدخولها الشهري، لافتةً إلى أن هناك ألبسة مستعملة نظيفة، وأن هذه الألبسة دفعت الأهالي لإدخال السرور لأطفالهم بشتى الوسائل.
تجارة رابحة
أحد التجار الذي – رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية – بيّن لـ “حلب اليوم”، أنه يُجني أرباحاً جيدة من خلال تجارة الألبسة المستعملة مضيفاً: “أقوم بعرض بضاعتي عبر فيسبوك، خاصة الألبسة النسائية وألبسة أطفال، لزيادة الطلب عليهما من قبل الأهالي، وأبيعها بأسعار أرخص من ألبسة البالة”.
وأشار إلى أنه في فترة عيد الفطر المنصرم، كان هناك إقبالاً كبيراً من قبل بعض العائلات على شراء الألبسة المستعملة، بسبب الغلاء الفاحش في الأسواق، حيث وصل سعر بنطال الطفل إلى 200 ألف ليرة سورية، بينما بلغ المستعمل منه 30 ألف ليرة.
الحاجة تدفع الناس لدخول عالم الألبسة المستعملة
“ريما العطار” (اسم مستعار) تحدثت عن تجربتها لـ “حلب اليوم”، حيث قالت إنها بدأت بتجارة الألبسة المستعملة عبر الإنترنت منذ عدة أشهر، مشيرةً إلى أنها اضطرت لذلك بسبب حاجتها لإعانة ذويها، إذ أن والدها مقعد ولا يستطيع العمل، رغم وجود أخيها في تركيا الذي يعمل في مشغل للخياطة بمدينة إسطنبول، إلا أنه يتقاضى راتباً ضئيلاً بالكاد يسد رمقه.
ولفتت “العطار” إلى وجود اختلاف بنوعية الألبسة المستعملة والإقبال عليها، ولكن كل منها لديها من يرتديها، حيث أن البضائع التي تعرض عبر الإنترنت هي جيدة ومقبولة ويمكن بيعها بسهولة.
ارتفاع أسعار ألبسة “البالة”
وفي السياق، أفاد أحد أهالي مدينة حماة بأن سوق “البالة” ومن المفترض أن يكون سوق الفقراء، أصبحت أسعاره مرتفعة جداً، حيث بات ثمن البنطال يُعادل راتب شهر كامل.
ومضى قائلاً: “منذ سنوات لم نعد نستطيع شراء ثياب جديدة، وأصبحت محلات ألبسة البالة هي وجهتنا الوحيدة، لكن أيضاً لم نعد نستطيع شراؤها بسبب جشع وطمع التجار، خاصةً أن البائعين يُقارنون الأسعار بسعر صرف الدولار، ومدخولنا الشهري بالليرة السورية”.
يُشار إلى أن حال مدينة حماة كباقي المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة الأسد، إذ يُعاني غالبية السوريين من تكاليف المعيشة، في ظل تدهور القيمة الشرائية، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، حتى أصبحوا غالبيتهم عاجزين عن تأمين أبسط احتياجاتهم الأساسية.