بينما ترتفع أسعار المحروقات عالمياً وتلقي بظلالها على شمال غربي سوريا، يُنذر الصراع بين الفصائل العسكرية على سوق المحروقات قرب “جرابلس” شرقي حلب برفع اﻷسعار، حيث تُقدّم منطقة “ترحين” بديلاً نسبياً معقولاً لشريحة واسعة من السكان، في ظل ضعف القدرة الشرائية.
وذكر مصدر خاص لـ”حلب اليوم” رفض الكشف عن هويته ﻷسباب أمنية، أن عدداً من الفصائل العسكرية وفي مقدمتها فصيل “السلطان مراد”، يحاول السيطرة على معبر “الحمران” بالقوة وطرد فصيل من حركة “أحرار الشام” منه والذي يستعين بدعم “هيئة تحرير الشام” لتثبيت وجوده هناك.
ويُعتبر المعبر الواقع في منطقة “جرابلس” الحدودية، أحد أهم المعابر في المنطقة، كما يُعد الشريان الرئيسي لنقل المحروقات الخام من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، ويؤمّن عائداتٍ ماليةً ضخمة، “تُطمع جميع الفصائل بالسيطرة على موارده وعائداته المالية”، بحسب المصدر.
ويسيطر القطاع الشرقي لفصيل “أحرار الشام” التابع للفيلق الثاني بالجيش الوطني السوري، على المعبر، ويعتبر هذا الفصيل أحد أدوات “هيئة تحرير الشام” في المنطقة، وكان قد رفض مؤخراً طلباً بتسليم المعبر لوزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة.
وبعد عدة طلبات متتالية خلال الفترات الماضية، طلبت “أحرار الشام” من الفصائل التي تحاول نقل سيطرة المعبر لوزارة الدفاع أن يتحدثون مع “هيئة تحرير الشام”، التي بدورها تحاول توسعة رقعة سيطرتها على قطاع النفط في ريفي حلب الشمالي والشرقي، وفقاً للمصدر نفسه.
وكانت الحركة قد أعلنت مؤخراً عن إغارة على مواقع قوات النظام على جبهة “تل جيجان” في المنطقة، قُتل وأصيب من خلالها ثمانية عناصر يتبعون لقوات النظام، وبثّت “أحرار الشام” مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، قال عناصرها من خلاله إن هدف العملية العسكرية هو توجيه رسائل لرفض مصالحة الأسد، لكن “الهدف الرئيسي من هذه العملية هو ضمان عدم هجوم تلك الفصائل على أحرار الشام واستبعادهم من المعبر”، وفقاً للمصدر.
وأضاف أنه في حال هاجمت الفصائل الحركة، فإنهم “سيحتمون بالهدف المُعلن للمعركة وسيكون هنالك ذريعة لهيئة تحرير الشام بالدخول من أجل الدفاع عن أحرار الشام كون تلك الفصائل هاجمتهم لأنهم قاموا بعملية عسكرية على قوات نظام الأسد”.
ونوّه المصدر إلى أن هنالك قنواتٍ إعلاميةً على موقع “التلغرام” مقربة من “هيئة تحرير الشام”، نشرت أنباءً مفادها أن فصائل عسكرية تُبدي استعدادها لمحاربة “أحرار الشام”، ﻷنها “تنوي تجهيز معركة عسكرية محدودة على قوات الأسد”، مشيراً إلى أنه في حال حدوث “أي تدخل أو هجوم على أحرار الشام فإن الهيئة سترسل أرتالها بحجة الدفاع عن الفصائل التي تحارب النظام في المنطقة”.
واعتبر المصدر أن “هدف المعركة العسكرية لأحرار الشام هو ضمان موقف الهيئة لإبقاء سيطرتها على المعبر”، فيما لم تنجح حتى الآن فصائل الجيش الوطني السوري التابعة لوزارة الدفاع بالسيطرة على المعبر وكف يد “أحرار الشام” المدعومة من قبل هيئة تحرير الشام عنه.
الصراع يؤثّر سلباً على المحروقات
تأثرت منطقة “ترحين” في ريف حلب الشرقي بصراع السيطرة على معبر “الحمران”، فهي تحوي على عدد كبير من الحراقات الخاصة بتكرير النفط قبل طرحه بالأسواق.
وقال العاملون في هذه الحراقات إنهم باتوا يتعرضون لضغوطات كبيرة من قبل عناصر الفصائل العسكرية، خصوصاً فصيل “أحرار الشام”، حيث قامت إلى جانب عدد من الفصائل في المنطقة بفرض إتاوات كبيرة على أصحاب الحراقات في “ترحين”.
وأوضح العاملون أن ما تفعله تلك الفصائل سيتسبب بارتفاع كبير ﻷسعار المحروقات في الوقت الذي يعاني منه سكان المناطق المحررة من غلاء في الأسعار وانتشار البطالة و الفقر وسط شريحة واسعة.
وأفاد مصدر آخر رفض الكشف عن اسمه، بأن أصحاب الحراقات خرجوا يوم الأربعاء بمظاهرات واسعة، تنديداً بما تفعله الفصائل العسكرية خصوصاً بعد أن قامت حركة “أحرار الشام” بإبلاغهم بشكل رسمي بعدم بيع المحروقات إلّا عن طريقهم، مطالبين الجميع بالوقوف عند مسؤولياتهم، وأن يكونوا عوناً لسكان المناطق المحررة الذي يعانون من ظروف أمنية واقتصادية سيئة.
وأضاف المصدر، أن حركة “أحرار الشام” ستعمل على إنشاء خزانات كبيرة لشراء المحروقات من أصحاب الحراقات بسعر ومن ثم طرحه بالأسواق بسعر آخر، موضحاً أن هذا العمل “يندرج ضمن احتكار تلك المواد والتحكم بأسعارها في المنطقة”.
وذكرت مصادر لقناة “حلب اليوم”، أن ما يحدث اليوم من فرض للإتاوات والصراعات الفصائلية بهدف الهيمنة على معبر “الحمران” وسوق الحراقات في “ترحين”، قد يتسبب بغلاء أسعار المحروقات، منوهةً إلى أن عدداً كبيراً من العمال يعمل في منطقة “ترحين” التي تقدّم أسعاراً أقلّ من نظيراتها في الأسواق العالمية، حيث وصل سعر البرميل الواحد من سعة مئة وستين لتراً إلى مئة وعشرة دولارات عالمياً، وهو ما يعادل سعر البرميل الواحد للمازوت بسعة مئتين وعشرين لتراً في “ترحين”.