بعد أن وقّع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” ميزانية الدفاع لعام 2023، بات “قانون مكافحة المخدرات التي يديرها النظام” أو “قانون الكبتاغون” كما يسميه البعض، في انتظار بعض اﻹجراءات لدخول حيّز التنفيذ، وسط تساؤلات من قبل السوريين حول معناه ونتائجه.
ويقول الكونغرس في بيان رسمي إن القانون الأمريكي الجديد يهدف إلى مواجهة تجارة المخدرات وخصوصاً مادة “الكبتاغون”، تحت إدارة “بشار اﻷسد” وزمرته الحاكمة.
وفيما يختلف السوريون حول أهمية القانون على المدى المنظور، تختلف أيضاً اﻵراء بين من يُشكك في فاعليته، وبين من يرى فيه آخر مسمار في نعش نظام اﻷسد.
كيف يختلف “قانون الكبتاغون” عن قانون “قيصر”؟
أكد رئيس مركز جسور للدراسات الباحث “وائل علوان” في إفادته لـ”حلب اليوم” أن القانون الجديد يتهم النظام بأنه يقف خلف تصنيع وتصدير المخدرات على مستوى واسع جداً؛ اﻷمر الذي يُشكل تهديداً للأمن القومي للعديد من الدول ليس فقط المجاورة كما يتجاوز خطره إلى اﻷمن الدولي.
وأوضح “علوان” أن خطر النظام لم يعد يقتصر على الشعب السوري بل أصبح ينعكس على البيئة العامة والمناخ الدولي، مبيناً أن العقوبات السابقة وعلى رأسها قانون “قيصر” هي حالة ضغط مستمر لمنع استمرار النظام وإعادة تدويره، وجعله قابل للاستمرار بالرغم من محاولة بعض الدول التواصل معه، إلا أن القانون الجديد له سياق مختلف.
من جانبه أكد “بسام طبلية” الخبير بالقانون الدولي المقيم في لندن، لموقع “حلب اليوم” أن القانون “جاء عندما شعرت واشنطن بالخطر من انتشار المخدرات باعتبار النظام رئيس العصابة الجديدة للكبتاغون”.
وأضاف أن القانون “حرص على تفكيك المنظومة من ناحية الصناعة والتجارة، وبالتالي سيكون هناك تشديد كبير على النظام والعقوبات المفروضة عليه”.
وتُعاني اﻷردن بشكل خاص من نشاط النظام في المخدرات، فيما باءت جهودها في التعاون مع إيران وروسيا ﻹنهاء الظاهرة بالفشل.
كما طالت محاولات التهرب كلاً من تركيا ولبنان ومصر وإيطاليا والمملكة العربية السعودية والكويت، فيما تشير تقارير لعمل حزب الله والنظام على مستوى المافيات العالمية.
وبحسب “علوان” فإن “استراتيجية واشنطن هي العقوبات الخانقة ومنع التطبيع مع النظام والحفاظ على عزلته اﻹقليمية والدولية وبالتالي تآكله وانهياره شيئاً فشيئا”، حيث أن قانون “قيصر” هو ضغط وعقوبات اقتصادية رداً على الانتهاك بحق الشعب السوري، ولكن القانون الجديد يتعلق بتأثير النظام على المجتمع الدولي وهو ما يضاف لانتهاكاته ضد الشعب.
كيف سيؤثر “قانون الكبتاغون” على بشار اﻷسد؟ وهل ستتحرك القوات اﻷمريكية داخل سوريا؟
تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2500 جندي في سوريا مدعومين بطيران حربي متنوع، يعمل ضمن تحالف دولي تُشارك فيه عشرات الدول، ويؤكد القانون أنه يمنح الولايات المتحدة إمكانية التحرك ضد النظام ﻹحباط مساعيه، ولكن دون ذكر تفاصيل.
وحول إمكانية قيام واشنطن بتحرك داخل سوريا ضد النظام بناء على القانون، أكد “علوان” أن هذا مرتبط بما تختاره الولايات المتحدة من أدوات سواءً بشكل مباشر أو عن طريق حلفاء إن كان محليين أو إقليميين.
وأكد أن القانون يؤثر على بشار اﻷسد بشكل شخصي إذا أثبتت التقارير تورط المقربين منه بشكل مباشر في تجارة المخدرات، وقد أثبتت تقارير سابقة تم إعدادها على مدى سنوات تورط الفرقة الرابعة ومقربين من الدائرة الضيقة للأسد في الملف، وبالتالي فإن ثبوت أي تورط ﻷحد من هؤلاء سيطال اﻷسد ودائرته الضيقة.
من جانبه رآى “طبلية” أن “قانون الكبتاغون” يستهدف بشار اﻷسد باعتباره المسؤول الرسمي عن دولة سوريا، وباعتباره يعلم بوجود تجارة الكبتاغون على أراضيها، ولذلك سيؤثر عليه شخصياً كما أن سمعته ستكون أكثر سوداوية.
وأضاف أن قانون “قيصر” صدر بعد تسريب صور التعذيب ضد المعتقلين وجاء ليعاقب النظام تجاه جرائمه ضد اﻹنسانية وانتهاكه للمعاهدات الدولية، إلا أن “قانون الكبتاغون” يهدف إلى تفكيك المنظومة والمصانع ويعرّض اﻷسد للسجن في حال إلقاء القبض عليه فالمنظومة اﻷسدية تخضع للعقوبات اﻷمريكية بشكل كامل.
ويستهدف “قانون الكبتاغون” تحديداً معامل وتهريب الكبتاغون في سوريا لكنه “لا يُعنى حقيقةً بتبديل المنظومة الحاكمة”، وفقاً للخبير القانوني السوري.
لماذا تأخر القانون حتى اليوم؟
يعمل نظام اﻷسد والميليشيات اﻹيرانية على نشر المخدرات وتصنيعها منذ سنوات طويلة، ولا يُعلم تاريخ بداية اﻷمر على وجه التحديد، لكن تقارير عدة تؤكد أنه توسع فيها منذ نحو خمسة أعوام.
وأوضح “طبلية” أن سبب تأجيل القانون حتى اليوم يعود إلى كون النظام تأخر في الاعتماد على “الكبتاغون” بشكل كبير حتى عام 2017، وهناك إجراءات أمريكية تستغرق وقتاً أمام أعضاء مجلس النواب وغيرهم لهذا الخطر وبعد ذلك تم اتخاذ إجراءات حثيثة لتدارك خطر النظام الذي تحول إلى خطر عالمي يهدد السلم واﻷمن الدوليين ويهدد أمن وسلم الولايات المتحدة أيضاً.
من جانبه وافق “علوان” الرأي قائلاً إن تأخر القانون حتى اليوم مرتبط بأمرين؛ اﻷول هو أن إنتاج النظام للمخدرات لم يكن بهذا المستوى منذ سنوات، فهو اليوم بات يوسع مصادر تجارة الحرب مع زيادة الارتهان للخارج؛ روسيا وإيران وتوسيع الميليشيات التي تحولت إلى شريك بدلاً من أن تكون تبعاً له كالفرقة الرابعة.
اﻷمر الآخر – يُضيف علوان – هو أن الولايات المتحدة كدولة قانون ومؤسسات تحتاج إلى وثائق وأدلة تكفي للتداول البيروقراطي والنقاش بما يُمكن من صناعة القرار ضمن دوائر القرار اﻷمريكي.
وختاماً فإن بقاء اﻷسد وزمرته على رأس السلطة في سوريا يعني استمرار حالة الفوضى في المنطقة على كافة المستويات، حيث يُصدر نظام اﻷسد أزماتٍ من أنواع عديدة قد لا يكون “الكبتاغون” أكبرها.
