تزدهر عمليات التهريب بين سوريا ولبنان، وخصوصاً لناحية المحروقات التي ارتفع سعرها في مناطق سيطرة نظام اﻷسد مؤخراً، مع أزمة المحروقات، باﻹضافة إلى مواد أخرى متنوعة.
وينشط التهريب على محاور القرى الحدودية شمال شرق لبنان، وعن طريق معبر المصنع الحدودي، الذي بات مفتوحاً أمام المهربين بشكل كبير، ويمتد من بلدة “الصويري” اللبنانية في البقاع الغربي جنوباً، مروراً بنقطة المصنع والجرود الحدودية، وصولاً إلى البلدات الحدودية في الشمال الشرقي؛ وفقاً لمصادر صحيفة “الشرق اﻷوسط“.
ووصل سعر صفيحة البنزين البالغ قدرها 20 ليتراً في مناطق سيطرة النظام إلى 46 دولاراً، والمازوت إلى 38 دولاراً، وهي أسعار أعلى من نظيراتها في لبنان، وهو ما انعكس على الأسواق اللبنانية، على صعيد تزايد الطلب على البنزين والمازوت، فضلاً عن اشتداد الطلب من قِبل التجار والمستوردين والشركات على الدولار.
وانعكس ارتفاع الطلب على الدولار في لبنان ارتفاعاً بسعر الصرف إلى حدود الـ47 ألف ليرة لبنانية الأسبوع الماضي ليعود ويتراجع بعدها إلى 46 ألف ليرة.
وأشار موقع لبناني، في تقرير، منذ أيام، إلى تهريب ميليشيا “حزب الله” لكميات كبيرة من الدولارات إلى سوريا، حيث يحتاجها النظام في ظل ندرة القطع الأجنبي لديه، وهو ما أثر سلباً على السوق اللبنانية.
وأصبح معظم تجار المحروقات اليوم من صغار التجار، ومن أصحاب وسائقي الدراجات النارية الذين امتهنوا عمليات التهريب بين الحدود، وينقلون المحروقات الأغلى ثمناً وغير المتوافرة والنادرة في السوق السورية، وفقاً للمصدر.
وتنقل كل دراجة نارية على طرق التهريب عند معابر “ساقية جوسية” شمالي “الهرمل” حمولةً من أربع عبوات بلاستيكية سعة الواحد منها 50 لتراً، لتشكل جميعها نحو 200 لتر في كل رحلة تهريب، وبذلك يكون مردود الرحلة الواحدة يومياً 290 دولاراً، بالنظر إلى أن سعر صفيحة البنزين في لبنان يصل إلى 18 دولاراً، بينما يصل سعرها في مناطق سيطرة النظام إلى 46 دولاراً، بسبب أزمة المحروقات.
أما بالنسبة للمازوت، فالمردود الربحي هو أقل نسبة إلى أن سعر صفيحة المازوت في لبنان هو 18 دولاراً وفي سوريا 38 دولاراً، بحسب المصدر.
ولا تقتصر حركة التهريب على شمال شرقي لبنان عند المعابر الحدودية غير الشرعية؛ فحركة التهريب عند حدود نقطة المصنع اللبنانية الحدودية مع سوريا استعادت نشاطها أيضاً بحيث يعمد المهربون لنقل المواد المهربة من البنزين والمازوت بالغالونات سيراً على الأقدام.
وامتهن عددٌ كبير من الشبان مهنة التهريب من بلدات البقاع الغربي و”مجدل عنجر”، بالتزامن مع أزمة المحروقات، حيث يعملون على نقل المادة بخزانات السيارات العابرة إلى سوريا إلى ما بعد نقطة الجمارك اللبنانية ليفرغوا خزاناتها ويقوموا بيعها بأسعار مرتفعة قبل أن تقطع رحلتها إلى سوريا وتعود إلى الأراضي اللبنانية مجدداً.
ومن الجانب السوري تتولى الفرقة الرابعة وضباط من قوات النظام اﻹشراف على طرق التهريب، وفرض اﻹتاوات على مختلف لمواد العابرة بالاتجاهين.
كما تنشط عمليات تهريب السجائر والأدوية والأدوية الزراعية ومواد التنظيف من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني نتيجة فرق الأسعار بسبب أزمة المحروقات، وهو ما يؤكده رئيس بلدية في إحدى القرى الحدودية في الداخل اللبناني شمالي “الهرمل” حيث لفت إلى عودة نشاط عمليات التهريب بشكل ملحوظ.
وقال رئيس البلدية: “تتم عمليات التهريب بواسطة دراجات نارية تجتاز المعابر والسواتر الترابية المقفلة بين الأراضي اللبنانية والداخل السوري عند ساقية جوسية”، مشيراً إلى أن عمليات التهريب التي كانت تتم بواسطة الصهاريج “متوقفة تماماً الآن نتيجة إقفال المعابر بالسواتر الترابية”.
وأضاف في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن أسعار المحروقات من البنزين والمازوت في الداخل السوري تتقارب مع أسعارها في لبنان إذا تم التسليم بموجب قسائم مخصصة لأصحاب الآليات، لكن حاجة اللبنانيين في القرى الحدودية قرب لبنان رفعت من عمليات التهريب.
وأكد المصدر أنه “لا يحق للبناني أن يتسلم البنزين بموجب قسائم مخصصة للسوريين؛ ما يضطره (اي اللبناني المقيم في سوريا) إلى شراء البنزين والمازوت من السوق السوداء”.
كما تشمل عمليات التهريب مادة الغاز نتيجة شح الكميات في مناطق سيطرة النظام، بحيث يحق لكل رب عائلة أن يتسلم قارورة غاز واحدة من حكومة النظام، زنة 10 كيلو غرامات بموجب بطاقة أسرية كل ثلاثة أشهر.
ويبلغ السعر الذي حدّدته حكومة النظام 11 ألف ليرة، أما قارورة الغاز المهرب فهي تُباع في السوق السوداء بـ220 ألف ليرة سورية، أو ما يعادل مليوناً و750 ألف ليرة لبنانية (37 دولاراً).