تناقش روسيا وتركيا مع إيران ملفّ قوات “قسد” في ريف حلب، شمالي سوريا، خلال اجتماعات “أستانا – 19” في العاصمة الكازاخية “نور سلطان”.
وقال “الكرملين” على لسان المتحدث باسمه “ديميتري بيسكوف”، بعيد انطلاق الاجتماعات، إن بلاده “تتفهم وتحترم هواجس تركيا بشأن أمنها وهذا حقها القانوني”، داعياً “الأطراف كافة للابتعاد عن الخطوات المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء سوريا وضبط النفس”.
وكان “أيمن العاسمي” المتحدث باسم وفد المعارضة السورية المشارك في اجتماعات “أستانا”، قد قال، إن الجولة الحالية ستناقش مستقبل عمل اللجنة الدستورية ومصير منطقتي “تل رفعت” و”منبج” شمالي سوريا.
وفيما جدّد وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” دعوة واشنطن إلى وقف دعمها لحزب العمال الكردستاني PKK وقوات YPG، فقد أكد الرئيس “رجب طيب أردوغان” أمس أن بلاده طالبت الولايات المتحدة بالتوقف عن ذلك منذ عهد “باراك أوباما” دون فائدة، وأنها ستقوم بما يلزم دون الرجوع إلى روسيا أو أمريكا.
وقال “أكار” عقب اجتماعه مع قادة القوات البرية والبحرية والجوية، إن بلاده “تؤكد لجميع محاوريها، أن وحدات حماية الشعب تعادل حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها إرهابياً، وتطالبهم بقوة بأن يوقفوا كل دعم للإرهابيين”.
روسيا تعرض الوساطة
دعت روسيا، أمس الثلاثاء، تركيا إلى “ضبط النفس”، والامتناع عن “أي استخدام مفرط للقوة” في سوريا، وذلك في تعليقها على الغارات الجوية التي شنّتها في شمال سوريا والعراق، والتهديد بشن هجوم بري.
وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا “ألكسندر لافرنتييف” للصحافيين، في “نور سلطان”: “نأمل إقناع زملائنا الأتراك بالامتناع عن أي استخدام مفرط للقوة على الأراضي السورية لتجنب تصعيد التوترات”.
وأوضح في تصريحاته، قبل انعقاد المحادثات، أن بلاده “تبذل منذ أشهر كل ما بوسعها لمنع أي عملية برية واسعة النطاق” في سوريا، مشيراً إلى ضرورة “مواصلة العمل مع جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حل سلمي بما في ذلك لقضية قسد”.
وكانت روسيا وإيران قد عارضتا في حزيران الماضي انطلاق عملية عسكرية واسعة هدّدت بها تركيا، وتراجعت عنها اﻷخيرة عقب اجتماع “أردوغان” مع كلّ من “بوتين” و”رئيسي” في “سوتشي”.
وجاء تصريح “لافرنتييف” بعد تهديد “أردوغان” بتوسيع عملية “المخلب – السيف” شمال سوريا والعراق وشن “عملية برية”.
وكانت منطقتا “تل رفعت” و”منبج” قد شهدتا عدّة دوريات عسكرية مشتركة بين القوات الروسية والتركية في عامي 2019 و2020، لكنّها توقّفت بعد عدم توصّلها إلى نتيجة، وتفاقم الخلافات بين الجانبين حول ملف إدلب وتنفيذ اتفاق “سوتشي”.
وألمح بيان “الكرملن” إلى ذلك حيث قال “بيسكوف”: إن “هناك اختلافات دائماً في نهجي روسيا و تركيا بشأن الوفاء بالتزامات اتفاق سوتشي يناقشها زعيما البلدين”.
من جانبها أعرضت إيران عن التعليق، وذلك بخلاف موقفها المعارض للتهديد التركي السابق بشن عمل عسكري في “تل رفعت”، خلال حزيران الماضي.
ويأتي عدم التعليق اﻹيراني وسط تصاعد مخاوف طهران بشأن قوات “كردية” قرب “أربيل” عاصمة “إقليم كردستان” في شمالي العراق، حيث استهدفتها منذ أيام بضربات مدفعية.
قسد تلجأ للوساطة الروسية
أكد قائد “قوات سوريا الديمقراطية” “مظلوم عبدي” سعيهم إلى حلّ سلمي مع تركيا، وذلك بعد يومين فقط من تهديده بـ”الانتقام”.
وقال “عبدي”: “تتركز مساعينا الأساسية حالياً على خفض التصعيد من قبل الطرف التركي، وسنفعل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق ذلك من خلال التواصل مع جميع المعنيين في الملف السوري”، في إشارة إلى الروس واﻷمريكيين.
وكان قائد “قسد” قد أعلن يوم اﻷحد الماضي أن ضربات تركيا الجوية في شمال سوريا والعراق، “لن تمرّ دون محاسبة”، وهو ما أعقبه قصف لقرى تركية حدودية راح ضحيته 6 مدنيين وعشرة جرحى.
وأطلقت تركيا عمليتها الجوية بعد أسبوع على تفجير “إسطنبول” الذي أسفر عن عدة قتلى وعشرات المصابين، وهو ما نفى “عبدي” ارتباط “قسد” به قائلاً: “أعلنا مراراً أن لا علاقة لنا بما حدث في إسطنبول بأي شكل من الأشكال”.
وأكد وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” في وقت سابق، أن مُعدّة التفجير عبرت من “عفرين” شمال حلب، وتلقت أوامرها من “قسد”.
ونجحت تركيا منذ عام 2016، في شنّ ثلاث عمليات عسكرية ضدّ “قسد”، بعد التنسيق مع كلّ من روسيا والولايات المتحدة، فيما تركّز أنظارها حالياً على المنطقة الفاصلة بين منطقتي عمليات “درع الفرات” و”نبع السلام” ومدينتي “تل رفعت” و”منبج” بما يُبعد “سوريا الديمقراطية” عن حدودها، وربما يكون ذلك عبر عملية “المخلب – السيف”.
وأشارت الخارجية الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، إلى وجود معلومات لديها “من مصادر مفتوحة وموثوقة” بقرب انطلاق عمل عسكري تركي في سوريا والعراق، مما يشير إلى عزم أنقرة هذه المرة على تنفيذ قرارها العسكري.