تصاعدت التحذيرات من إمكانية تكرار سيناريو مفاعل “تشيرنوبيل” في محطة “زابوريجيا” النووية الخاضعة للقوات الروسية التي سيطرت عليها في جنوب شرقي أوكرانيا، مع وقوع حريق فيها منذ أيام.
وفرّ قسم من السكان المحليين في المنطقة المجاورة للمحطة التي تعد أكبر منشأة للطاقة النووية في أوروبا، بعد أن تعرّضت للقصف وسط تبادل للاتهامات حول المسؤولية عنه بين الروس واﻷوكرانيين.
وكانت روسيا سيطرت على المحطة منذ آذار الماضي، بعد معركة شرسة مع القوات الأوكرانية أثارت حينها مخاوف دولية من إمكانية حدوث تسرب إشعاعي كبير.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير نشر ترجمته موقع “الحرة” اﻷمريكي، اليوم اﻷحد، إلى أن عمليات القصف المتكررة للمحطة خلال الفترة الماضية، أثارت مخاوف جديدة من وقوع حادث نووي، فيما قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن روسيا وأوكرانيا تبادلتا “التحذيرات من إمكانية شن الطرف الآخر هجوماً زائفاً على المحطة” بهدف تحميل الطرف الثاني مسؤولية الهجوم أمام المجتمع الدولي.
وتعتمد أوكرانيا على الطاقة النووية لتقليل احتياجها لروسيا في مجال الطاقة، حيث تمتلك 15 مفاعلاً نووياً عاملاً، تزود البلاد بـ51 في المائة من احتياجاتها للكهرباء.
وتقع المحطة على حافة مدينة “إنرهودار” بجنوب شرق أوكرانيا، وتضم ستة من المفاعلات، وبدأت العمل في الفترة بين عامي 1984 و 1995، ويمكنها مجتمعة بكامل طاقتها إنتاج 5700 ميغاواط من الكهرباء، وتعد مصدراً ضخماً للطاقة النووية الأوكرانية.
وكانت تنتج قبل الحرب 20% من الكهرباء في أوكرانيا وما يقرب من نصف طاقتها النووية، وهو ما لم يعد متاحاً اﻵن.
ولم يسجل المراقبون الدوليون “إطلاق مادة مشعة” حتى اليوم، لكنّ هناك ما يغذي القلق في جميع أنحاء العالم، ووفقاً لـ”واشنطن بوست”، فإنه منذ سيطرة موسكو على “زابوريجيا” واصل آلاف العمال الأوكرانيين تشغيل محطة الطاقة في ظل ظروف صعبة، ومازال اثنان من المفاعلات الستة بالمحطة يوفران الطاقة لأوكرانيا.
ودعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية كلاً من روسيا وأوكرانيا للسماح لمفتشيها بزيارة الموقع، لكن الخلافات اللوجستية والسياسية حالت دون حدوث ذلك، وفقاً لبيان من الوكالة، وفي أوائل آب الحالي، حذر مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، “رافائيل ماريانو غروسي”، من “خروج المحطة النووية عن السيطرة”.
وتبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات منذ أيام بمهاجمة “زابوريجيا” وتصاعد القلق الدولي مجدداً بعد تسبب القصف في إلحاق أضرار بأجزاء من المحطة، فيما كشف مؤسسة الطاقة النووية الأوكرانية “إنرغو آتوم”، أن روسيا نشرت قاذفات صواريخ ومئات الجنود بالموقع.
وقال “مسؤول دفاعي أميركي كبير” للصحفيين، يوم الجمعة الماضي، إن المسؤولين في الولايات المتحدة يراقبون القتال بالقرب من المحطة النووية بقلق بالغ، واصفاً الأمر بأنه “خطير”، ومتهماً روسيا بـ”ذروة اللامسؤولية”.
وحذّر مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أن أي تصعيد إضافي يتعلق بالمفاعلات الستة قد يؤدي إلى وقوع “حادث نووي خطير له عواقب وخيمة على صحة الإنسان والبيئة في أوكرانيا وأماكن أخرى”، مطالباً بعدم اتخاذ أي إجراء جديد يمكن أن “يعرض سلامة وأمن واحدة من أكبر محطات الطاقة النووية في العالم للخطر”.
من جانبه؛ دعا الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، لوقف فوري للأعمال العدائية والسماح بوصول الخبراء النوويين الدوليين إليها، وقال إن أي ضرر محتمل للمحطة هو بمثابة “انتحار”، محذراً من “أي محاولة لقطع الكهرباء من وإلى المنشأة”، وداعياً إلى “نزع السلاح من المنطقة المحيطة بالمحطة”.
يذكر أن حدوث أي خلل أو انقطاع للكهرباء وتوقف عمل المحطة بشكل غير محسوب، قد يؤدي لارتفاع حرارتها وتواصل تفاعلات اليورانيوم النووية داخلها، مما قد يسبب ارتفاعاً في الضغط يولّد انفجاراً في اﻷنابيب أو الهيكل وخروج بخار الماء الممزوج باﻹشعاعات النووية إلى الخارج وانتشاره على مساحات كبيرة.