كشف تقرير تحليلي لوكالة “اﻷناضول” التركية للأنباء، تداعيات سحب القوات الروسية من سوريا، على وقع العملية العسكرية في أوكرانيا، مؤكداً سعي الولايات المتحدة لاستغلال أي فراغ قد ينجم عن ذلك.
وأوضح التقرير أن الانسحاب الروسي يأتي على خلفية استراتيجية جديدة تعتمدها موسكو، بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث أدى نقص التنسيق بين الوحدات العسكرية الروسية هناك والمقاومة غير المتوقعة للأوكرانيين، فضلاً عن الدعم العسكري الأمريكي والأوروبي المقدم لكييف، إلى قيام موسكو بوضع حملات استراتيجية جديدة بخصوص سياستها.
وأكد أن كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان استغلال التطورات المحتملة في سوريا، للحد من تمدد النفوذ الإيراني، حيث يرى محللون أن تأكد المعلومات بخصوص سحب روسيا وحداتها العسكرية ومقاتلي شركة “فاغنر” الأمنية من بعض مناطق سوريا، مثل إدلب وحماة واللاذقية ومنبج وتل رفعت وعين العرب بريف حلب، يعد محاولة من الكرملين لاستجماع قواه.
وأوضح التقرير أن هذه التحركات الاستراتيجية تضع نظام اﻷسد في موقف صعب من شأنه نقل حرب القوى والنفوذ الدائرة في سوريا إلى مراحل جديدة، فبالإضافة إلى الدول التي تتحرك في المنطقة بالقوات الوكيلة مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران، يمكن القول إن إسرائيل أيضاً قد أصبحت جزءاً من الأزمة في سوريا، بسبب مئات الهجمات الجوية والبرية التي شنتها في البلاد.
وأكد أن الولايات المتحدة ترغب في الاستفادة من الفراغ الذي سيخلفه انسحاب روسيا المرتقب من سوريا، حيث تدعي واشنطن أنها ستقوم بـ”أنشطة تجارية” فقط في شمالي البلاد، ستتركز بمجالي الزراعة والبناء، إلا أن أسماء الشركات والمشاريع التي تعتزم تنفيذها محاطة تماماً بجو من السرية.
وترغب واشنطن – وفقاً للمصدر نفسه – في السيطرة تماماً على الشمال السوري بواسطة قواتها الوكيلة وتعتزم مواصلة وجودها في البلاد من خلال المشاريع التجارية، بينما أدت تحركات الوحدات العسكرية الروسية في المنطقة إلى تسريع واشنطن جهودها لتنشيط قسد في الميدان، بهدف تقليل مخاطر انتشار إيران وقوى المعارضة السورية إلى الحد الأدنى.
كما تزداد مخاوف واشنطن – يضيف التقرير – من قيام إيران بملأ الفراغ الذي سينتج عن انسحاب روسيا المرتقب من سوريا، فكما هو معروف هناك تاريخ طويل للوجود الإيراني في سوريا، كما أن قوات الحرس الثوري الإيراني و”فيلق القدس” وأجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية، دائماً ما تقدم الدعم العسكري واللوجستي والتدريب من أجل حماية سلطة نظام اﻷسد، وبعد تراجع العمليات الروسية في سوريا بسبب الحرب على أوكرانيا، ازدادت تحركات إيران وزاد وجودها في البلاد.
وعقب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بسبب هجمات “تنظيم الدولة” على الحسكة مطلع عام 2022، تدخلت القوات الخاصة الأمريكية وضمنت انسحاب “تنظيم الدولة” من المنطقة، وبفضل ذلك تمكنت المليشيات الإيرانية من الحصول على مساحات سيطرة جديدة، حيث زادت من وجودها تدريجياً في الحسكة ومحيطها، ويبدو أن التأثير الإيراني في سوريا سيزداد أكثر مع انسحاب روسيا.
ورجّح التقرير أن النفوذ الإيراني في سوريا سيتشكل أيضاً وفقاً لمراكز القوى الأخرى في البلاد، إذ أن إسرائيل أيضاً تعد من القوى المهمة التي ستؤثر على استراتيجيات طهران في البلاد، إلى جانب واشنطن، وترى أن الانسحاب الروسي من سوريا فرصة وتهديد في الوقت نفسه.