“البرد ينخر عظامنا”.. هكذا بدأ أبو أحمد وصف معاناة عائلته مع أزمة المحروقات في سوريا مع حلول فصل الشتاء.
يقول “أبو أحمد” المقيم في مدينة حمص، إنهم اضطروا إلى جمع أكياس النايلون وبعض القمامة القابلة للإشتعال من أجل التدفئة، في ظل الغلاء الفاحش لأسعار المحروقات، وعدم وجود مخصصات لحكومة النظام بشكل جدي لحل هذه الأزمة.
ويتراوح سعر ليتر المازوت “الحر” في حمص، بين الـ 2500 إلى 3000 ليرة سورية، أما بالنسبة لمادة الحطب فقال “أبو أحمد” إن سعر الطن يتراوح بين الـ 500 إلى 600 ألف ليرة، ولا تكفي هذه الكمية سوى لمدة شهر واحد، علماً أن دخله الشهري لا يتناسب مع متطلبات الحياة الأساسية.
لا تختلف معاناة أهالي دمشق عن غيرها كثيراً، يؤكد “فيصل” أحد قاطني العاصمة أنه أصبح يصرف أغلب مرتبه على المحروقات “إن وجدت”، مؤكداً أن ثلثي الراتب يذهب للمواصلات، حيث تكلفة الذهاب والإياب إلى العمل تتجاوز الـ 1500 ليرة سورية يومياً في ظل أزمة كبيرة يعانيها قطاع النقل في البلاد.
من المتسبب بأزمة المحروقات؟
تعزي حكومة النظام على لسان معاون وزير النفط “عبد الله خطاب”، أزمة الطاقة في البلاد، إلى التغيّر المناخي، على اعتبارها جزء من أزمة الطاقة العالمية التي تمر بها دول العالم.
حيث أشار “خطاب” إلى أن تغيّر المناخ والتوجه نحو استخدام الطاقات النظيفة، تسبب بزيادة الطلب على الغاز بشكل كبير، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بشكل كبير، بحسب تعبيره.
ورداً على هذه التصريحات قال الدكتور “عبد الحكيم المصري” وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، في حديث خاص لحلب اليوم:
“إن نظام الأسد يمكنه اتهام أي شيء للتنصل من مسؤوليته في أزمة المحروقات، مشيراً إلى أن النظام كان منتج للنفط قبل الثورة السورية، أما الآن 85 بالمئة إلى 90 بالمئة من النفط خارج سيطرته، وحوالي 50 بالمئة من الغاز أيضاً، وتحول اليوم من مصدّر إلى مستورد.
كما نوه “المصري” إلى وجود العقوبات الاقتصادية على إيران لكونها تبيع في السوق السوداء، أما الحليف الروسي فلا يستطيع دعم النظام بالنفط بسبب خوفه من العقوبات وقانون قيصر، لأن قطاع الطاقة مشمول بالقانون.
يزيد نظام الأسد المأساة على السوريين، بحسب “المصري”، لأنه يقدم النفط لمؤسساته العسكرية أولاً، ثم يعطي الجهات التي تساعده في قمع السوريين، والأشخاص المقربين منه، وما تبقى يذهب للمواطنين، وهذه سياسة عامة ممنهجة للنظام منذ زمن حافظ الأسد وفق قوله.
اقرأ أيضاً: قصف مرفأ اللاذقية.. ما هي الأهداف الإسرائيلية وما أسباب الصمت الروسي؟
هل ترأس النظام لمنظمة أوبك العربية ينهي أزمة المحروقات في سوريا ؟
أثار ترؤس سوريا مجلس وزراء منظمة الطاقة العربية “أوبك”، اعتباراً من كانون الثاني – يناير العام المقبل، الكثير من الجدل، في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من أزمة محروقات حادة.
حول تأثير القرار على أزمة المحروقات في البلاد، يقول الدكتور “عبد الحكيم المصري” إن هذا القرار لن يخفف من أزمة المحروقات في سوريا، ولن ينهي أزمة النفط، لأن النظام عاجز عن دفع الأموال المطلوبة للحصول على النفط، بسبب الفارق الكبير بين الصادرات والواردات، علماً أن صادراته تقارب 700 مليون دولار، والواردات بحدود الـ 9 مليار دولار، إضافة إلى عدم وجود مواد يمكن إنتاجها لمقايضتها بالنفط في حال أرادت بعض الدول مقايضته.
حلب اليوم – سليم قباني