الحرس القديم لحافظ عدّل الدستور ورقّى بشار ليناسب منصب الرئاسة
لطالما خالفت شعاراتُه أفعالَه.. إلى الأبد يا حافظ الأسد.. شعار رسخه وعمل عليه طيلة فترة حكمه.. مستفيداً من القاعدة التي تقول إن الابن امتداد لأبيه.
بشار الأسد لم يكن سوى امتداد لمشروع حافظ الذي اعتمد على حلفائه في الدولة لتوريث ابنه.. في ليلة وضحاها عقب وفاة والده.. يُرَقّى بشار خمس مراتب عسكرية دفعة واحدة، ليصبح فريقا قائدا للقوات المسلحة، بقرار من نائب الرئيس والموكل بتسيير أعمال الدولة حينها عبد الحليم خدام، ويتقلد بشار منصب الأمين العام لحزب البعث خلفا لأبيه، بقرار من القيادة القطرية لحزب البعث، ويصبح بذلك مؤهلا للرئاسة خلال أيام بعد تجاوز عقبة العمر المشروط للترشح للرئاسة التي خُفضت لتكون على مقاسه، بند في الدستور السوري تم تعديله بدموع وتصفيق مجلس الشعب وإجماعه خلال خمس دقائق فعلا لا مجازاً.
بعد استفتاء شعبي استمر يوما واحدا خرج الشاب متجاوزا الحزن على رحيل أبيه، ومعها عقبات الوصول الى الكرسي في خطابه الأول -خطاب القسم- كرئيس لسوريا عام ألفين، واعدا بمسيرة التحديث والتطوير لا مسيرة إصلاح، وهنا تتفجر معان كبيرة يدركها الساسة مقتضاها أنْ لا اخطاء في مسيرة الأب، إلا أن ثمة طروحا أغرت من أراد التغيير أن يجرب صدق نوايا الرئيس الجديد.
الأسد قمع أي تحركات سياسية أبرزها إعلان دمشق
ظهرت أولى ردات فعل بشار أمام الحراك السياسي، حين حاول عدد من الشخصيات السورية التحرك بشكل طفيف، للمطالبة بإصلاحات فعلية وانتخابات ديمقراطية، ومطالب أخرى تتعلق بالإصلاح السياسي، أبرز التحركات كان توقيع إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في حقبة سُميت ربيع دمشق، اعتقل النظام معظم الموقعين وقال إن تحركاتهم تجاوزت الخطوط الحمراء، جاء ذلك على لسان عبد الحليم خدام نائب رئيس جمهورية الأسدين.
لم يشكل إعلان دمشق عقبة فعلية أمام بشار الأسد، قليلِ الخبرة السياسية كما وُصف حينها، لكن اغتيال رفيق الحريري شكل حرجاً سياسيا كبيرا، لا سيما بعد اتهامات لسوريا بعملية الاغتيال من قبل دول عدة، وتشكيل محكمة دولية للبحث في تفاصيل الاغتيال.
شكّل اغتيال رفيق الحريري حرجاً سياسياً بعد اتهام النظام
في أولى خساراته من تركة الأب، انسحب الجيش السوري الذي كان يقوده بشار، من لبنان بقرار أممي، على خلفية اغتيال رفيق الحريري، انسحاب عزز فيما يبدو رؤية بعض رجال دولة الأسد الأب، بقصور الابن عن ملء الفراغ الدولي وربما الداخلي.
غازي كنعان حلقة أخرى في ارتباكات النظام الداخلية والخارجية، تبدو الأقل أهمية والأكثر غموضا، لكنها لا تنفك عن حلقات أخرى مرّ بها بشار الأسد في فترة حكمه الأولى، وهنا يكشف عبد الحليم خدام الذي غادر سوريا إلى فرنسا، أنه ضاق ذرعا بممارسات الشاب الذي أوكل بمراقبته وتأهيله لحكم سوريا من قبل صديقه حافظ.
مرت الولاية الأولى لبشار ابن حافظ، ليجري استفتاءاً جديدا لم يكن يجرؤ سوري فيه على التعبير عن رأيه الحقيقي، ففاز بدورة جديدة ليكمل مسيرة أبيه.. مسيرة ربما شجعت السوريين على إطلاق ثورتهم عام 2011 وإكمال الطريق كحل وحيد للتخلص من حكم العائلة.