شَهِدت مُحافظة حِمص انشقاقُ العَشراتِ من قواتِ النظام خِلال الأشَهر الماضية بشكل لافت عَقبَ المرسوم الذي أصدرتهُ القيادةُ العامة للجيش والقوات المسلحة مُنتَصفَ شَهر تشرين الثاني من العام 2020 الماضي، والذي تَضمنَ تسريحَ الأفراد من الخِدمتين الإلزامية، والاحتياطية لمن أتم في خدمته ما يقارب التسعة سنوات، أو ممن هم من مواليد 1982 والذين أتموا العامين من الخدمة العسكرية.
القرار الذي انتظرَهُ عشراُت الآلاف من المُجندين في صُفوفِ قوات النظام جاء بما لا يُرضي تطلعاتهم بحسب ما رصد مراسل حلب اليوم في حمص، وهو ما دعا العشراتَ مِنهم للانشقاق مجدداً عن الخدمة الإلزامية، أو الخدمتين الاحتياطية والاحتفاظ.
أحد المنّشقين عن قوات الأسد في حِمص أفادَ لمراسلنا بأنه انتظر الكثير من الوقت وهو يتأمل كباقي رفاقه بقرار يرضي تطلعاتهم، ويقضي بتسريحهم من الخدمة التي أمضوا فيها ما يقارب الخمسة أعوام، لكن في كل مرة يكون القرارات العسكرية الصادرة عن القيادة العامة للجيش مخيبة للآمال.
راتب العسكري لا يكفي ثمن البويا وشفرات الحلاقة:
وأشار إلى أن البقاء في ظل الخدمة العسكرية للشباب تعني تدمير مستقبلهم، لا سيما أن ما يتم تقاضيه من رواتب لا يكاد يكفيهم ثمن (بويا الأحذية، وشفرات حلاقة الذقن على حدّ تعبيره) لافتاً في الوقت ذاته إلى أن معظم المجندين هم بالأصل أرباب أسر، وتقع على عاتقهم مسؤوليات هم ملزمين بتنفيذها، وبالتالي فإن الانشقاق عن الخدمة هو الحل الأنسب لضمان عيش (على قد الحال) في ظل حكم منهار على المستوى الاقتصادي لأبعد الحدود.
في سياق متصل أشار مراسلنا إلى أن معظم المنشقين عن قوات الأسد يفضلون انهاء الخدمة الإلزامية المحددة بـ (سنة وتسعة أشهر+ ستة أشهر عقوبة تخلف عن الخدمة) ومن ثم يقومون بالانشقاق مع دخولهم في مرحلة الاحتفاظ العسكري
تسعيرة التفييش 300 ألف لكل مجند:
من جهته تحدث عامر.س مجند منشق عن قوات النظام بأنه حاول مراراً (التفييش) من الخدمة مقابل دفع مبلغ مالي للضابط المسؤول عنه، إلا أن مسألة التفييش كانت محصورة بفئة معينة من المقربين منه، وكذلك حال مبلغ (الرشوة) المطلوب دون قدرته على الدفع، حيث بلغ رشوة الشهر الواحد 300 الف ليرة سورية بالإضافة لراتب المجند، الأمر الذي دفع عامر لترك الخدمة والعودة للعمل في منزله للوقوف على احتياجات اسرته.
ضابط رفيع يتعهد بعدم ملاحقة المنشقين:
وبعد انتشار ظاهرة الانشقاق عن قوات النظام في محافظة حمص توجّه العميد مدين ندّة رئيس فرع أمن الدولة إلى ريف حمص الشمالي (أكثر المناطق التي شهدت هذه الظاهرة) واجتمع مع وجهاء المنطقة مطالباً إياهم بضرورة إقناع المنشقين بالعودة عن قرارهم، والالتحاق مجدداً بالخدمة.
وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها حلب اليوم من مصدر مطلع فإن العميد (ندّة) قد تعهّد بإحضار لجنة قضائية عسكرية من العاصمة السورية دمشق من أجل العمل على تسوية أوضاع المنشقين في الريف الشمالي، وضمان عدم ملاحقتهم أمنياً فيما بعد، إلا أن الوجهاء وجدوا صعوبة بالغة في إقناء المنشقين وذويهم بالعدول عن قرارهم.
وتجدر الإشارة إلى أن مفارز المخابرات المتواجدة في الريف الحمصي لم تعمل على مداهمة أي منزل من منازل المنشقين في المنطقة تحسباً لأي اشتباك قدّ ينشب من شأنه أن يُعيد الأحداث لسابق عهدها.