حمص – خاص حلب اليوم
طلباتٌ، وأوراقٌ، وثبوتياتٍ، والكثيُر الكثير من الإجراءاتِ الرسمية، والغيرُ رسمية تتطلبها العودةُ إلى منزلٍ أتت الحربُ على كلِ ما فيه داخلَ أحدِ أعرق الأحياء في محافظة حمص، بهذه الكلماتِ بدء أبو عزام حديَثه لحَلبَ اليوم، وهو أحدُ أبناءِ حي الخَالدية الذي ناوئ نظام الأسد منذ انطلاقِ الثورة السورية أوائل العام 2011 لفترة امتدّت لنحوِ ثلاثةَ أعوامٍ قبلَ نجاحِ الأخير بفرضِ سيطرتَهُ على الحي بالكامل.
الدراسة الأمنية هي المعيار لعودة المهجرين من أبناء الحي:
هُجّرنا من الحي.. (يضيف أبو عزام) وبتنا لاجئينَ في ذاتِ المدينةِ التي تربينا وترعرعنا ضمنها، وبعد توصلِ الأطرافُ إلى حلٍ قضى بخروج الرافضينَ للتسويةِ نحو شمالِ سوريا، فتحت حكومة الأسد بابَ العودةِ للمهجرين إلى أحيائهم المُدمّرة، لكن بشروط مجحفة بحق أبناءه.
تبدأُ رحلةَ العودة بطلبٍ لفرعِ المخابرات الجوية، وفرع الأمن العسكري، اللذان يبدأن بإجراء دراسةٍ أمنية عن أصحابِ المنزل المراد العودةُ إليه، وعلى الرغمِ من تقديمِ الأوراق التي تثبتُ ملكيتَهم للمنزل (الطابو) إلا أن الدراسة الأمنية، والتزكية من قبل ‘‘مختار الحي‘‘ يكون لها الكلمة الفصل في غالبِ الأحيان.
عقاباً على مناهضتهم لنظام الأسد.. غياب مقومات الحياة:
مراسلُ حلبَ اليوم في حمص أفاد عن تردي الأوضاعِ المعيشية لمن نجحَ بالعودة إلى منزلهِ، وغابت عنهم مقوماتُ الحياة داخل حي الخالدية بشكلٍ شبه كامل، فما لا يزالُ الحي يقبعُ في ظلامٍ حالكٍ نظراً لغياب الأعمدة، والمحولات الكهربائية من الشوارع، في حين تجد أحياء الزهرة، والأرمن، وغيرها من المناطق التي ساندت قوات الأسد في حربه على الثائرين بوجه الظلم تَنّعم بما تستطيع حكومة الأخير تقديمه إليهم.
وأشار مراسلنا إلى أن قاطني حي الخالدية مُجبرينَ على السيرِ، والتَنقُل على الأقدام من الشارعِ الرئيسي (طريق حماة) إلى داخل الحي بعدما منعَ حاجز الأمن العسكري المتمركز على مدخل الحي الغربي دخولَ خطِ السرفيس إليه، بالوقت الذي تم فيه العمل على إغلاق باقي المنافذ المؤدية إلى حي الخالدية بركامِ المنازلَ بشكل تام.
في سياق متّصل أفاد عدد من أبناء حي الخالدية لقناة حلب اليوم أن الإجراءات التي تتخذُها حكومةُ الأسد، وأفرُعها الأمنية بحق أبناء الحي ما هي إلا رسالةٌ واضحةٌ مفادها ‘‘من دعم الثورة ووقف في وجه الأسد لن تقوم له قائمة بعد سيطرتنا‘‘ وهي سياسة الكيل بمكيالين بحق أبناء المحافظة الواحدة.
أحياء تفصلهم أمتار قليلة يظهر فرق الواقع الخدمي بينهما:
كاميرا حلب اليوم أجرت جولة مصورة داخل حي الخالدية أظهرت حجمَ الدمار الذي عمّ الأبنية، وبيّن بشكلٍ لافتٍ حجمَ الفوارقُ التي باتت واضحةَ المعالِم بين الخدمات المُقدّمة لأحياء الموالاة بالمقارنة مع الأحياء التي ثارت، وفضّلت الانحياز للثورة السورية.
وتجدر الإشارة إلى أن حي الخالدية بات يقطنُه في الوقت الراهن نحوَ 1100 عائلة بمعدلٍ يصلُ إلى 7500 شخص بحسبِ الإحصاء الذي نشرهُ مجلسُ بلديةَ حمص أوائل العام 2021 الجاري، بينما كان يغص بنحو 150 ألف شخص قبل انطلاقِ الثورة مطلع العام 2011