بعد مرور أربعة عشر يوماً على مجزرة كلية العمارة في جامعة حلب.. استفاق أهالي حلب على مجزرة جديدة، وصفت بأنها من أفظع المجازر التي ارتكبتها قوات نظام الأسد في سوريا.
صباح التاسع والعشرين من كانون الثاني عام ألفين وثلاثة عشر.. اكتشف أهالي حي بستان القصر وجود جثث في نهر قويق عند جسر السنديانة، جرفتها المياه من مناطق سيطرة النظام.. سارع سكان المنطقة إلى انتشال الجثث.. بعض الشبان نصبوا شبكات على مجرى النهر ليمنعوا انجراف الجثث بعيدا، فيما قام قناص تابع لقوات النظام في حي الإذاعة المجاور بإطلاق الرصاص على الأهالي الذين يقومون بعملية إجلاء الجثث من النهر.
لم يختلف حال الجثث عن حال السوريين الأحياء القابعين تحت حكم الأسد.. فالجثث كانت مكبلة الأيدي مكممة الأفواه.. بعضها مقيدة الأرجل وأخرى غطّت رؤوسَها أكياسُ النايلون، كما أكدت تقارير الطب الشرعي أن الضحايا يرتدون ملابس مدنية، وأن بينهم جثثاً لنساء وأطفال.
المعهد السوري للعدالة وثق انتشال مئتين وعشرين جثة من النهر على مدار شهر ونصف، غالبية الجثث قتل أصحابُها برصاص في الرأس وبعضها في العين، كما تظهر صور الجثث، والتي تمتنع حلب اليوم عن عرضها لقساوتها وحرصا على مشاعر المتابعين.
نقلت الجثث إلى مدرسة اليرموك في حي بستان القصر لتوثيقها، وتوجه الأهالي للتعرف عليها.. جميعها كانت تعود لأشخاص اعتقلوا أو فقدوا قبل أيام في أحياء حلب الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام.
منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، بعد زيارتها موقع اكتشاف الجثث وتحقيقها في المجزرة، وإجرائها مقابلات مع عائلات الضحايا، قالت إنه تم على الأرجح إعدامُهم في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، وأضافت أنه بناء على الصور ومقاطع الفيديو وأقوال الشهود، فإن كثيرا من الضحايا يحملون علامات تدل على الاحتجاز ثم الإعدام، مثل تقييد اليدين خلف الظهر، والطلقات النارية في الرأس، وسد الفم بشريط لاصق.
نظام الأسد كعادته سارع إلى نفي الاتهامات عن مسؤوليته بارتكاب المجزرة، واتهم من أسماهم “مجموعة إرهابية” من عناصر “جبهة النصرة” بتنفيذ إعدام جماعي بحق عشرات المخطوفين من السوريين، وإلقاء جثثهم في نهر قويق، واستدل بأن جثث الضحايا عثر عليها في الجهة التي ينشط فيها من وصفهم بالإرهابيين.
مجزرة نهر قويق.. واحدة من مجازر النظام الرهيبة التي استهدفت ثورة الشعب السوري، وهي مثال نموذجي لطبيعة النظام الوحشية، بهذا وصف الائتلاف السوري المعارض المجزرة الفظيعة.. وطالب بتحويل ملف جرائم النظام وداعميه الروس والإيرانيين، إلى المحكمة الجنائية الدولية.
مجزرة نهر قويق أو ما بات يعرف بنهر الشهداء.. حلقة من مسلسل طويل لجرائم نظام الأسد بحق الشعب السوري.. الذي بات يمنّي النفس بأن ينتهي ذلك المسلسل الموحش بمحاكمة المجرم وحصول الشعب السوري على حريته.