دمار في مدينة حرستا بريف دمشق – أرشيفية
نشر المجلس الروسي للشؤون الدولية تحليلًا عن السيناريو المستقبلي للصراع في سوريا، تحدث فيه عن توافق “تركي – أمريكي – روسي” على استقالة رأس النظام “بشار الأسد” ووقف إطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية تشمل “المعارضة والنظام والكرد”.
ويبدأ التحليل، الذي أعده “جارمان كازانوف”، بالوضع الحالي في سوريا بعد سيطرة “بشار الأسد” على 70 بالمئة من الأراضي السورية، والاتفاق “التركي – الأمريكي” حول إنشاء المنطقة الآمنة، والاتفاق “التركي – الروسي” بشأن انسحاب “قوات سوريا الديمقراطية” والقيام بدوريات مشتركة.
ويضيف “كازانوف” أن الاتفاقات بين تركيا وروسيا تحد من خطر التصعيد، ولكن على المدى الطويل قد تفشل الصفقة، وتشهد الهجمات الأخيرة في مدينة تل أبيض على صعوبات تنفيذ مذكرة “سوتشي” الثانية، كما أن “قوات YPG” التابعة لـ”قسد” ما تزال موجودة في منبج وتل رفعت والقامشلي ومناطق أخرى خارج عملية “نبع السلام”، إضافةً إلى مشكلة وجود “هيئة تحرير الشام” في إدلب.
وبحسب “كازانوف”، فإن “التبادل المعادل” سيكون وسيلة للخروج من الوضع الإشكالي الحالي، أي أن لا تمنع القوات التركية تقدم قوات النظام لإدلب حتى الطريق السريع M4، وفي المقابل تسمح روسيا لأنقرة بطرد “قوات YPG” خارج المنطقة الحدودية، أي خارج إطار عملية “نبع السلام”، وجرابلس وتل أبيض ورأس العين.
ووفقاً للمحلل الروسي، فإنه في نطاق الصراع السوري فإن تحييد “هيئة تحرير الشام” في الشمال الغربي وطرد “قوات YPG” في الشمال الشرقي من المسائل التكتيكية، وحتى لو تم حل هاتين المسألتين، فستظل المشكلة الاستراتيجية موجودة.
ويشير “كازانوف” إلى أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لا يزال يحتفظ بقوات في شرق الفرات، وأمر بحراسة حقول النفط بالقرب من دير الزور، حيث تعمل محطة غاز كونوك، بينما تسيطر تركيا مع المعارضة ، على شمال إدلب وعفرين والباب والأراضي الواقعة بين تل الأبيض ورأس العين، ولن تنسحب تركيا وأمريكا، بينما يبقى “بشار الأسد” في السلطة، حسب قوله.
أما روسيا وإيران فإنهما ما تزالان تدعمان نظام الأسد بقوة، ولن تسحبا جيشيهما حتى بعد أن تستعيد دمشق وحدة البلاد وتنسحب القوات التركية والأمريكية من سوريا، كما أنه من غير المحتمل أن تبدأ القوتان العظيمتان، روسيا والولايات المتحدة، والقوتان الإقليميتان، تركيا وإيران، حرباً محلية أو عالمية للسيطرة على سوريا بأكملها، بحسب المحلل الروسي.
وفي هذه الحالة، كما يقول “كازانوف”، هناك مخرجان: الأول أن يعترف اللاعبون الخارجيون بمناطق نفوذ بعضهم البعض، وتكرر سوريا مصير ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث مناطق للاحتلال: سوريا تحت حماية طهران وموسكو، والشمال المعارض مع الدور القيادي لأنقرة، وشرق الفرات تحت سيطرة الولايات المتحدة و”قوات YPG”، مبيناً أنه وفي مثل هذا السيناريو، ستبقى سوريا منقسمة إلى أن يتخلى أحد الأطراف طواعية عن نفوذه.
وفيما يخص المخرج الثاني والذي اعتبره “كازانوف” أكثر إيجابية لكنه يسمح أيضاً بتقسيم مؤقت لسوريا، فإنه يمكن لروسيا والولايات المتحدة عقد مؤتمر دولي كبير بمشاركة ممثلين من تركيا روسيا والولايات المتحدة وجامعة الدول العربية وإيران، وأن يعلن الجميع التزامهم بضمان السلامة الإقليمية لسوريا.
واشترط المحلل الروسي احتمالية حدوث السيناريو الثاني على أن يحدث الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية والتوحيد “بعد التحول السياسي” الذي يجب أن يستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، ما يعني استقالة “بشار الأسد” ووقف إطلاق النار على مستوى سوريا.
وبحسب السيناريو الثاني، يمكن لتركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية وإيران إنشاء تنسيق واحد لجلب ممثلي المعارضة المتحدة والنظام والكرد إلى طاولة المفاوضات، ويكون الغرض من الصيغة هو تشكيل حكومة انتقالية يتم فيها تمثيل جميع القوى الثلاث وفقًا لمساحة الأراضي التي تسيطر عليها وعدد سكانها.
وفي النهاية، رأى المحلل الروسي أن الخيار الثاني أقل تكلفة لجميع الأطراف، حيث إنه يقوم على حلول وسط للهدف المشترك وهو وحدة أراضي سوريا، معتبراً السيناريو الأول محفوفاً بالمخاطر، فحتى لو تمكن نظام الأسد من هزيمة المعارضة بالقوة وقضى على “قوات YPG” فسيتطلب الأمر عشرات الآلاف من الضحايا من البشر، كما سيؤدي هذا التصعيد تلقائياً إلى أزمة جديدة للاجئين، وقد تتحول سوريا الموحدة إلى كوريا الشمالية التي لا يعترف بها سوى قليل من الدول.