غثّك خيرٌ من سمينه
أول من قال ذلك معن بن عطية المذحِجي، والسبب أنه كانت بين قبيلته وبين حَيّ من أحياء العرب حربٌ شديدةٌ.
ومرّ معن في حملَة، وحمل معه رجلاً ممنْ حاَربهم وهو صريعٌ، فاستغاثه فأغاثه معن، وسار به حتى أوصَله مأمنه.
ثم اندلعت حرب جديدة على قبيلة مَذْحِج مرةً ثانية، فهزموها، وأسروا مَعْناً، وأخاً له يقال له رَوْق.
فلما انصرفوا، إذا صاحبُ معن الذي نجَّاه، وهو أخُ رئيس القوم،
فناداه مَعن:
يا خَيْرَ جازٍ بِيَدٍ … أُلِيتَها أَنْجِ مُنَجِّيكا
هَلْ من جَزاءٍ عندَكَ ال … يَوْمَ لِمَنْ رّدَّ عَوَدِيكا ؟
مِنْ بَعْدِ ما نَالَتْكَ بال … كَلْمِ لَدَى الحَرْبِ غَواشِيكا .
فعرفه صاحبه فقال لأخيه رئيس القوم: هذا المآنُّ عليّ ومُنقِذي بعدما أشرفتُ على الموت، فهَبْه لي، فوهبه له، فخلّى سبيله. وقال لمعنٍ: إني أُحِبُّ أن أُضاعِف لك الجزاء، فاختر أسيراً آخر.
فاختار معنٌ أخاه رَوْقاً، ولم يلتفت إلى سيد قبيلته، وهو في الأسرى.
ثم انطلق الى قومه، فسُئل عن أمرهما، فحدّث قومه بخبرهما،
فأنّبوه وشتموه إذ كيف أنقذ أخاه وترك رئيسهم، ذلك أن أخاه روقاً كان ذا أخلاقٍ سيئة، ومكروهٌ من قومه ، لأنه كثير الإساءة لهم.
فقال معنٌ: غَثَّكَ خَيْرٌ من سمِينِ غَيْرِك.