ألقت مجلة “فورن أفيرز” الأمريكية، بلائمة بقاء الأسد في السلطة على الأمم المتحدة، التي عززت النظام اقتصادياً طيلة سنوات الحرب التي خاضها ضد الشعب السوري، فضلاً عن الدعم العسكري الذي تلقاه من إيران وروسيا وحزب الله.
وقالت المجلة، في تقرير نشرته يوم الخميس الفائت، إن وكالات الأمم المتحدة، مثل منظمة الصحة العالمية، سمحت لنظام الأسد بالسيطرة على الاستجابة الإنسانية الدولية بمليارات الدولارات، باستخدام أموال المانحين لدعم الجهود الحربية للنظام، مشيرة إلى أن الجزء الأكبر من هذه المليارات المحولة، هي من الحكومات الغربية نفسها، التي فرضت العقوبات على النظام السوري.
وأضافت المجلة أن قدرة نظام الأسد على الاستيلاء على الكثير من الأموال المخصصة للجهود الإنسانية، تشير إلى ضرورة إصلاح نظام الأمم المتحدة لتقديم المساعدات، محذرة في الوقت نفسه من قيام النظام بتطوير “تكتيكات”، للسيطرة على أموال إعادة الإعمار.
وأوضحت أن جذور المشكلة تعود إلى السنوات الأولى للثورة، ففي ربيع عام 2012، عندما بدأ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بالتعبئة لتقديم المعونة إلى سوريا، أصر النظام على تركيز عمليات مكتب الشؤون الإنسانية في دمشق.
واستفاد النظام من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/182، الذي ينص على أنه “ينبغي تقديم المساعدة الإنسانية بموافقة البلد المتضرر” وأن “الدولة المتضررة لها الدور الأساسي في المبادرة والتنظيم”.
وبعد القبول بشروط الأسد، سرعان ما تدفق نحو 216 مليون دولار من المعونة الإنسانية إلى سوريا، المبلغ الذي زاد إلى أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً في السنوات اللاحقة، وأدى إطلاق عمليات الجهود الإنسانية في دمشق، للسماح لنظام الأسد بالسيطرة على جهود الإغاثة.
وتحدث تقرير المجلة، عن سعي العديد من وكالات الإغاثة الدولية، للعمل عبر الحدود من تركيا أو الأردن، والعمل مع الشركاء السوريين للوصول إلى ملايين المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وأضافت أنه تم إثبات فعالية هذا النهج خلال تفشي مرض شلل الأطفال في عام 2013، حيث التزمت منظمة الصحة العالمية، ومقرها دمشق، الصمت طوال شهور، في حين أنكر النظام تفشٍّ المرض، في غضون ذلك، أثبتت المنظمات غير النظامية، التي تعمل عبر الحدود من تركيا، أن شلل الأطفال قد عاد إلى سوريا، وأجرت حملة تطعيم جماعية ناجحة.
وأشارت إلى أن شهر حزيران من عام 2014، شهد علامة فارقة في عمليات الإغاثة، حيث أجاز مجلس الأمن الدولي رسمياً تقديم المساعدة عبر الحدود، وفقاً للقرار 2165، ومع ذلك، استمرت وكالات الأمم المتحدة، غير الراغبة في إفساد العلاقات مع النظام، بإعطاء الأفضلية لعملياتها في دمشق، ومنحها نفوذاً هائلاً للنظام.
وختمت المجلة تقريرها بأمثلة عن تماهي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، مع خطاب نظام الأسد، وذلك في خطته للاستجابة الإنسانية لعام 2016، باستخدام اللغة التي يفضلها النظام،ومن ذلك استخدام عبارات “الصراع”، بدلاً من “الأزمة”، “المواقع المدرجة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، بدلاً من المناطق المحاصرة من قبل قوات النظام، كما ألغى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، برنامج إزالة الألغام، لأنه كان سيتم إطلاقه عبر الحدود، خارج سيطرة الأسد.